«متهورة» RECKLESS، عنوان الكتاب الأخير الذي صدر لمطربة الروك الأميركية المولد المقيمة منذ سبعينات القرن ال20 في إنكلترا كريسي هايند، والذي تروي فيه حياة الطيش التي عاشتها في صباها بما في ذلك تعاطيها الحشيشة وممارسة الجنس. لا يُفترض أن روايتها هذه تشكّل أي مفاجأة لمتابعيها الذين يعرفون بالطبع الكثير عن حياتها وأغانيها الذائعة الصيت من خلال فرقتها الموسيقية «ذا بريتندرز» في الثمانينات. لكن حديثها عن تفاصيل اعتداء جنسي تعرّضت له وهي شابة في ال 21 من العمر (تبلغ الآن 63 سنة، فهي من مواليد 1951) أثار ولا يزال يثير الكثير من اللغط، إذ أنه صدم جمعيات نسوية دأبت على المجادلة بأن المرأة الضحية لا يمكن أبدأ أن تتحمّل مسؤولية ما يقوم به الشخص الذي يعتدي عليها. أوردت هايد في روايتها ما حصل لها، وقالت إنها كانت قد تعاطت كمية كبيرة من المخدرات عندما قابلت مجموعة من سائقي الدراجات النارية الذين وعدوها بأن يأخذوها معهم إلى حفلة، فوافقت، لكنهم عوض ذلك نقلوها إلى منزل خاوٍ حيث اعتدوا عليها. وأضافت هايد إنها تتحمّل كامل المسؤولية عما حصل لها: «إذا كنت أسير وأنا مرتدية رداء محتشماً جداً ولا أتعاطى مع غيري ثم أتعرّض لاعتداء، ساعتئذ سأقول إنها مسؤوليته. ولكن إذا كنتِ ترتدين رداء مستفزاً فإنك تستثيرين شخصاً ما يكون يشعر بالإثارة أصلاً، فلا تفعلي هذا. إنه المنطق السليم». وتابعت هايد: «لا تضعي في قدميك كعباً عالياً بحيث لا يمكنك الركض بعيداً إذا حاول أحد الاعتداء عليك. إذا كنت ترتدين شيئاً يقول: تعال وأفعل بي... هذا، فإن من الأفضل ألا يكون في قدميك شيء يمنعك من الركض». وتساءلت: «إذا كنت أسير بثيابي الداخلية وكنت ثملة، فعلى من تقع المسؤولية سواي؟». أثار كلام هايند في كتابها وفي مقابلة مع صحيفة «صنداي تايمز» جدلاً واسعاً على صفحات التواصل الاجتماعي بين مؤيّد لما قالته وبين معارض شرس. قال المعارضون إن الرجال يجب أن يتحمّلوا المسؤولية الشخصية إذا اعتدوا جنسياً على امرأة مهما كان نوع لباسها، مجادلين بأن الذين يغتصبون «ليسوا سوى مغتصبين، لا شأن للباس المرأة بما يقومون به». وغرّدت إحداهن على «تويتر»: «من المنصف القول إن كريسي هايند حمقاء بسبب تعليقها على ضحايا الاغتصاب. وهي جاهلة في هذا المجال. كان عليها أن تعرف أكثر قبل أن تتفوه بما قالته». أما المؤيدون فكتبوا إن كريسي «مصيبة في ما قالت، لكن معظم الناس يرفضون الإقرار بصحة ما قالت». وكتبت إحداهن: «ما قالته كريسي هايند هو أن نستخدم المنطق السليم. لم تقل إننا نستحق أن نغتصب. قالت إن علينا أن نأخذ المسؤولية عن طريقة حياتنا وأمننا. وأن نكون أذكياء». وانضمت سياسية بريطانية معروفة من تيار المحافظين هي آن ويديكيمب (وزيرة سابقة في حكومة المحافظين في تسعينات القرن ال20) إلى جوقة المؤيدين للمغنية هايند، وقالت إنها «مصيبة في دعوتها إلى استعمال المنطق السليم، فالنساء لديهن واجب الاعتناء بذواتهن وأن لا يضعن أنفسهن في أوضاع محفوفة بالأخطار. إنك لن تتركي حقيبة يدك في أي مكان إذا كان فيها محفظة نقودك كي يأخذها أي كان. فإذا كنت تهتمين بأغراضك لماذا لا تهتمين بنفسك؟». لكنها تابعت إن هايند أخطأت في تحميل نفسها فقط مسؤولية ما حلّ بها، قائلة إن الذين اعتدوا عليها يتحمّلون بدورهم مسؤولية ما حصل. أما لوسي هايستينغز مديرة منظمة «الدعم للضحايا» Victim Support، وهي منظمة خيرية، فقالت: «إن ضحايا الاعتداءات الجنسية لا يجب أن يشعرن أو يتم إشعارهن بأنهن يتحمّلن المسؤولية عن الجرائم المقززة التي يتعرّضن لها، بغض النظر عن الظروف أو العوامل التي يمكن أن تكون قد جعلتهن في شكل خاص معرّضات لما حصل لهن. لا يجب أن يتم لومهن أو أن يلمن أنفسهن بسبب عدم القدرة على منع حصول الاعتداء». كذلك قالت سارة غرين من منظمة «تحالف إنهاء العنف ضد النساء»: «المرأة لا تُلام على الاعتداءات بغض النظر عن نوع ردائها أو كمية المشروب الذي احتسته».