يطرح المؤلّف جاك شاهين في كتابه «الصورة الشريرة للعرب في السينما الأميركية» بجزءيه الأول والثاني (المركز القومي للترجمة - ترجمة خيرية البشلاوي ومراجعة أحمد يوسف) مسألة التعصّب، موضحاً أنّ التعصّب مسألة قديمة بين الشعوب، لكنّ أنواعاً مختلفة من التعصّب يُمكن تمييزها في هذا المجال. ومن بينها التعصّب الذي يتمّ تصنيعه عن عمد ليكون بمثابة إنتاج يُكرّس نار الكراهية وعدم الثقة بين الشعوب. ويرى الكاتب أنّ هوليوود هي الأكثر تأثيراً في جيل الشباب، وهي تمثل المصدر الرئيس للصور الدعائية التي من شأنها أن تدمّر وتعزل بعض المواطنين، باعتبار أنّها تصوّر الآخر (العربي تحديداً) كغريب وخطير بالفطرة، أو كمخلوق كريه لا يتشابه مع الباقين، ولهذه الصورة قوة مدمرة مثل الأسلحة الفتاكة. يبرز المؤلف في مقدمة الكتاب كلمة للصحافي سيدني هاريس، الذي يقول إنّ الصورة الكاريكاتورية الشائعة لشخصية العربي العادية، صورة أسطورية تماماً مثل الصورة القديمة لشخصية اليهودي، رجل يرتدي الجلباب والعمامة، شرير، خطير، مشغول أساساً باختطاف الطائرات وتفجير الأبنية العامة. يبدو أن الجنس البشري غير قادر على التمييز بين جماعة من الأشخاص يمكن أن نرفضها وبين السلالة العرقية التي خرجت منها. فإذا كان الإيطاليون لديهم المافيا فليس كل الإيطاليين مشتبه بهم، وإذا كان لدى اليهود ممولون ماليون فليس كل اليهود ينتمون إلى مؤامرة دولية. وإذا كان بين العرب متعصبون فليس كل العرب يدينون بالعنف. وعلى النقيض من ذلك في عدد لا حصر له من الأفلام قدمت هوليوود الإجابة المزعومة بأن العرب هم برابرة متوحشون، مغتصبون، متعصبون. من بين تسعمئة فيلم أميركي- من عصر السينما الصامتة وحتى عصر الأفلام الحديثة- لم يجد المؤلف سوى عدد قليل من الأفلام (12 فيلماً) تقدّم صورة إيجابية عن الشخصية العربية، بينما تعكس البقية صورة سلبية وشديدة التوحش والعدوانية، باعتبار العربي مصدراً للتهديد، لذا فهو يستحق القتل بلا شفقة أو رحمة. يوضح هذا الكتاب الموسوعي من خلال الرؤية الشاملة لهذه الأفلام، أن الإدارة السياسية والعسكرية والسينمائية في أميركا تتبع بعضها بعضاً، بحيث يؤثر كل منها في الآخر. فالسياسة تؤكد تشويه صورة العربي، بينما تعطي ذرائع لهذا التشويه، وتكون النتيجة النهائية أن تستقر الصورة في وجدان المتفرج الأميركي والغربي عموماً. تلك الصورة النمطية التي تنزع عن العربي ملامحه الإنسانية، وتحوله إلى مجرد «كائن» له صفات سلبية شريرة كما فعلت السينما الأميركية مع الهنود الحمر. يقدم جاك شاهين، وهو عالم اجتماع أميركي من أصول لبنانية، في كتابه بجزئيه الأول والثاني، قائمة بالأفلام التسعمئة بحسب الترتيب الأبجدي للأسماء، وتم التركيز على مشاهد بعينها وعلى حوارات مهمة تتعلق بالشخصيات العربية على الشاشة، وتقدم ملخصاً للسيناريوات وقائمة بالممثلين وعناوين الأفلام.