أوقفت مصارف أوروبية وسعودية كبيرة تعاملاتها مع السودان، ما يضاعف عزلة هذا البلد الغارق في الديون والخاضع لعقوبات اقتصادية، بحسب مصادر ديبلوماسية. ونددت الخرطوم من جهتها ب «الضغوط» المتزايدة الناجمة عن الحصار التجاري الأميركي المفروض عليها منذ العام 1997، لكن واشنطن تؤكد أنها لم تبدل سياستها. ويبدو أن قرار المصارف الأوروبية يعكس موقفاً يزداد حذراً لدى المؤسسات المالية التي لا تريد المجازفة بانتهاك العقوبات الأميركية، بحسب ديبلوماسي غربي. وأفاد المصدر: «أعتقد بأنه وضع يتطور سريعاً». وكان مصرف كوميرزبانك الألماني آخر من قطع علاقاته بالسودان بحسب ديبلوماسيين. لكن المؤسسة رفضت التعليق على الأمر عندما اتصلت بها «فرانس برس». وفي عام 2012 فرضت غرامات بقيمة 1,92 بليون دولار و667 مليون دولار بالتوالي على مصرفي «إتش إس بي سي» و«ستاندارد تشارترد» البريطانيين لانتهاكهما الحصار، ولاسيما مع إيران والسودان. وفي العام نفسه وافق مصرف «أي إن جي» الهولندي على تسديد 619 مليون دولار بعد اتهامات من الحكومة الأميركية بإجراء تبادلات مع السودان وغيره. وتخضع مصارف «سوسييتيه جنرال» و«بي إن بي باريبا» و«كريديه اغريكول» الفرنسية لتحقيق حول تبييض أموال وانتهاكات لعقوبات أميركية على دول محددة منها السودان، على ما أعلن مصدر مقرب من الملف في نيويورك ل «فرانس برس» مطلع آذار (مارس) الجاري. ولم يفرض الاتحاد الأوروبي أي حظر على السودان الذي يترأسه عمر البشير منذ 25 عاماً بعد انقلاب مدعوم من الإسلاميين. لكن المصارف الأوروبية التي لديها أفرع في الولاياتالمتحدة أو العاملة هناك «تغلق كل حساب سوداني، ولا تقوم بأية معاملة من السودان، بحسب الديبلوماسي. وذكر مصرفي محلي (رفض الكشف عن اسمه) أن المصارف السعودية كذلك أوقفت تعاملها مع السودان منذ بداية مارس. وأكد البنك المركزي السوداني في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية (سونا)، أن وقف المؤسسات المالية السعودية والأوروبية تعاملها مع المصارف السودانية مرتبط «بإجراءاتها الداخلية» الخاصة. وشدد وزير الإعلام أحمد بلال عثمان على عدم وجود أي مبرر سياسي وراء القرار السعودي، مشيراً إلى أن الضغوط الأميركية «تستهدف المصارف أيضاً». وردّ مسؤول أميركي (رفض الكشف عن اسمه) بالقول: «لم نغير أو نعدل أي شيء في سياسة عقوباتنا أو تطبيقها». ويضاف هذا التجميد المصرفي إلى الصعوبات الاقتصادية التي يعانيها السودان، وتفاقمت منذ انقسام البلاد عام 2011 وإنشاء دولة جنوب السودان التي تسيطر على نحو 75 في المئة من الإنتاج النفطي الإجمالي للسودان سابقاً.