أمضى رجل الأعمال البرازيلي برناردو باز عمره وهو يعمل في حديقة منزله ليحوّلها الى موقع فريد من نوعه في العالم، يضم واحدة من اكبر مجموعات أعمال الفن المعاصر، في قلب الغابة الإستوائية. لكن هذه «الحديقة - المتحف» الممتدة على مساحة تعادل مساحة 300 ملعب لكرة القدم، على مسافة ستين كيلومتراً من مدينة بيلو هوريزنتي ثالثة كبرى مدن البرازيل، ليست بمنأى من الانكماش الاقتصادي الذي يضرب هذا البلد العملاق الواقع في اميركا الجنوبية. وتضم حديقة أنوتيم، مئات الأنواع من الأشجار والصبار العملاق، تحيط بمكتبات وقاعات تدريس. ولدى التجوّل في سيارة كهربائية صغيرة، بين 4200 نوع من النبتات التي تنمو في البرازيل وخارجها، شارف بعضها على الاندثار، يقع المرء على اعمال فنية لأكثر من 200 فنان حول العالم. جمع باز ثروته من استثمار مناجم الحديد. وجعل هذا الرجل الستيني الغريب الأطوار، من هذه الحديقة، في السنوات الماضية، وجهة سياحية يقصدها 500 ألف زائر من العالم سنوياً. وهي تبعد عن كل من مدينة ريو دوجنيرو وساو باولو مسافة ساعة طيران. وكان باز يحلم بتوسيع حديقته، لكن الظروف شاءت عكس ذلك، اذ اضطر لتخفيف وتيرة العمل فيها بسبب تأثر أعماله بانخفاض صادرات القطاع المنجمي الى الصين، كما يقول. فهو كان يعتمد على عمله لتمويل ربع النفقات اللازمة لتطوير الحديقة، فيما البقية مصدرها تمويلات خاصة لأغراض دعائية، والحوافز الضريبية، وتذاكر الدخول. ويقول هذا الرجل الثري وهو يتأمل حديقته: «حين يأتي المرء الى هنا وهو يعاني الضغط النفسي، يكفي ان يمضي فيها اربعين دقيقة حتى يعود طفلاً، ويرغب في إلا يخرج منها أبداً». ولذا، فإن باز لا يخرج من محميته الممتدة على مساحة ألف هكتار، الا في ما ندر، ممضياً وقته بين حدائقها المفتوحة للجمهور والبالغ عددها 140، والحدائق المئة الأخرى التي تضم انواعاً محمية من النباتات والأشجار. وهناك يعيش مع زوجته وأبنائه السبعة، حيث التناغم الذي يشعر به المرء في هذا المكان هو وليد الانسجام بين الطبيعة والأعمال الفنية. في بلدة برومادينو المجاورة ذات الثلاثين ألف نسمة، ينطر السكان الى باز على انه بطل محلي، فحديقته التي أنشئت عام 2006 يعمل فيها 800 شخص، وتستقبل برامج تثقيفية عدة. لكن باز يفكر بمستقبل حديقته ومؤسسته، ويسعى الى ضمان استمراريتهما في ظل الانكماش الذي تعيشه البرازيل. ومن الحلول المطروحة عرضه على مؤسسات ثقافية ان تتبنى المعارض الفنية في حديقته، وذلك على امل بأن يزيل عن كاهله 2.5 مليون دولار يدفعها شهرياً من اصل 11.7 مليون دولار تلزم لصيانة هذا المشروع. رغم ذلك، لا تزال احلام توسيع الحديقة تراود باز، فيفكر في استثمار مساحة 700 هكتار ما زالت حتى اليوم غير مفتوحة امام الجمهور وتشييد 28 معرضاً فيها وفنادق ومسرح في الهواء الطلق، الى جانب دارات فخمة ليسكن فيها من يرغبون مثله في ان يعيشوا ويعملوا من دون ان يخرجوا من هذه الجنة.