عزا الدكتور مراد مبروك العلاقة بين الهندسة المعمارية وتشكيل القصيدة الشعرية إلى أن الإبداع فن، متطرقاً إلى هذه العلاقة بداية مما قبل الإسلام إلى مرحلة قصيدة الشعر الحر والتفعيلة. ويرى الدكتور مراد، في محاضرة قدمها في أسبوعية الدكتور عبدالمحسن القحطاني أخيراً بعنوان: «أنساق العلاقة بين الهوية العربية والتشكيل المعماري والنص»، وأدارها الكاتب محمد علي قدس، أن المعيار الأساسي الذي تنطلق منه هذه النظرية في كل أجزائها وأبعادها ومحاورها هو أن الإبداع فن، مشدداً على أن تكون دراسته علماً منضبطاً، وأن تقوم على المعيارية الدقيقة «حتى تكون الأحكام النقدية أحكاماً موضوعية تتسم بالدقة المنهجية في التحليل». وقال إن هذه الدراسة استكمالاً للمشروع النقدي في النظرية النقدية، الذي بدأه منذ التسعينات من القرن الماضي وحتى الآن، محاولاً معالجة هذه العلاقة الثلاثية في جوانبها التطبيقية، من خلال دراسة بعض النصوص الأدبية الشعرية وربطها بالهندسة المعمارية والهوية العربية، حتى تكون مرآة للباحثين والنقاد على المستويين التنظيري والتطبيقي. وجاءت المعالجة من خلال محاور عدة، هي: المفهوم والمقومات. وتتناول مفهوم الهوية والجيوبولتيكا والهندسة المعمارية والنصية الهوية. الجيوبولتيكا الثابتة للهندسة المعمارية والنصية في مرحلة ما قبل الإسلام والربط بين الشكل النصي للقصيدة والبناء المعماري الهندسي، المتمثل في الخيام والمعابد والقصور والهوية العربية. الهوية والجيوبوليتكا الحركية للهندسة المعمارية والقصيدة الإسلامية والأندلسية. ويعالج فيها مدى انفتاح الهوية العربية على الآخر بكل ثقافاته، وجاءت الموشحة الأندلسية تعبيراً عن هذا التفاعل بين العرب والأندلسيين، من خلال القصور والهندسة المعمارية التي شُيدت وعلاقتها بالشكل النصي الشعري والهوية العربية. الهوية والجيوبوليتكا التماثلية للهندسة المعمارية والقصيدة الكلاسيكية. وتناولت شكل القصيدة العربية الكلاسيكية بالهندسة المعمارية في القرن ال19 وبداية القرن ال20. الهوية وحركية التنوع التماثلي للهندسة المعمارية والقصيدة الرومانسية، وناقش فيها شكل القصيدة العربية الرومانسي بالهندسة المعمارية بدايةً من الثلث الثاني منه ومن خلال التطبيقات الشعرية والمعمارية ومدى ارتباطها بالهوية العربية. الهوية والتشكيل الجيوبولتيكي الحر للهندسة المعمارية والقصيدة التفعيلية بالهندسة المعمارية، بداية من النصف الثاني للقرن ال20 وحتى الآن ومن خلال التطبيقات الشعرية والمعمارية ومدى اتصالها بالهوية العربية. وختم الدكتور مراد محاضرته بقوله: «هذه المحاضرة ليست كلاماً أكاديمياً مطلقاً، لكنها أفكار تدعو إلى البحث والدراسة، وهي دعوة للمهتمين بالفنون تحديداً إلى دراسة العلاقة ما بين الفن التصويري في مرحلة تاريخية وبين الصور الشاهدة، وإحداث مزج بين الدراسات التطبيقية والعلوم الإنسانية حتى تغتني هذه العلوم». وشهدت المناسبة عدداً من المداخلات، ومنها مداخلة للدكتور يوسف العارف، رأى فيها أن دراسة النص بهذا الشكل، «ستكون قراءة شكلية خارجية سطحية تفتقد إلى الخطاب الشعري». في حين قال الباحث مشعل الحارثي: «لقد عشنا فضاءات في المعرفة والتلقي الإنساني من خلال الشعر والقصيدة والهوية العربية». ولفت الدكتور علي العيدروس إلى أن تحولات الهوية العربية مكانياً وثقافياً وسياسياً في ورقة الدكتور مراد، «نتج منها تأثير واضح على المعمار الهندسي المدني والمعمار الهندسي الشعري للقصيدة العربية، فكلما كانت الهوية مستقرة أنتجت معماراً هندسياً مستقراً على واقع الحياة وعلى شكل القصيدة».