أرجأ فرع وزارة الشؤون الاجتماعية في منطقة مكةالمكرمة تسليم رضيع «مجهول الأبوين» إلى سيدة سعودية، أرضعته وتكفلت بعلاجه وتربيته، منذ أن عثرت عليه وحتى تسليمه إلى الجهات المختصة، ريثما تستكمل الإجراءات الإدارية، وتنتهي من درس استيفاء المرضعة للشروط كافة، التي تمكنها من احتضان الطفل. وقالت السيدة (تحتفظ «الحياة» باسمها): «تقدمت بطلب إلى الشؤون الاجتماعية للحصول على حضانة الطفل ولا أزال أنتظر حتى الآن الموافقة على طلبي». بدوره، أوضح مسؤول في «الشؤون الاجتماعية» ل«الحياة» أن طلب الحضانة سيدرس من جوانبه كافة، وبحث حال الأسرة الحاضنة، والحاضن من ناحية السكن وإيرادات التربية، وعلى ضوئها يقرر لها السماح بحضانة الطفل من عدمه، مشيراً إلى أنه ليس بالضرورة أن تحصل على الحضانة بمجرد أنها أرضعته وصارت أماً له. وأفاد أنه من الواجب على كل من يعثر على «رضيع» أن يبلغ الجهات الأمنية أو الهلال الأحمر للتعامل مع حالته، وليس أخذه وتربيته، مشدداً على أن هناك اختصاصيين واختصاصيات يكثفون البحث في الأمور المتعلقة بالحاضن أو الحاضنة من ناحية السن، وهل هو متزوج أم لا، إضافة إلى عدد الأبناء وموقع السكن. من جهة أخرى، أكد قاضي المحكمة العامة في جدة حمد الرزين أن المسألة في هذا الشأن يتم التعامل فيها بحسب النظام، مشيراً إلى أن هناك إجراءات في الشؤون الاجتماعية ليست لديه خلفية عنها. وذكر أنه في حال رغبة أي أسرة تبني رضيع مجهول الأبوين، عليها أن تتقدم للشؤون الاجتماعية، لترسل «الأخيرة» الطلب بعد استكماله إلى المحكمة، لإصدار صك ولاية، يتسلم الراغب في الحضانة من خلاله الطفل ويكون هو المسؤول عن رعايته وإعالته والاهتمام به. ورأى الرزين أنه إذا رفضت الشؤون الاجتماعية تسليم الطفل إلى مرضعته، ووصلت القضية إلى المحكمة فإنها ربما تنقسم إلى قسمين، القسم الأول يتعلق بدعوى ضد الشؤون الاجتماعية في المحكمة الإدارية وهي الجهة المختصة. فيما القسم الثاني هو دعوى المرأة ضد الأسرة التي ستحتضنه مستقبلاً، وتكون هذه الدعوى في المحكمة العامة. وقال: «تستطيع أن توضح السيدة في المحكمة أنها أم الطفل من الرضاعة، وأنها أولى من الأسرة التي يمكن أن تحصل على حضانته»، لافتاً إلى المحكمة ستنظر في الأصلح. من جهته، أوضح المحامي والمستشار القانوني هشام حنبولي ل«الحياة» أن المسؤولين في وزارة الشؤون الاجتماعية عليهم التحقق من موضوع تسليم الطفل، ومعرفة ما إذا كان من مصلحته تسليمه إلى المرأة المتقدمة بطلب الحضانة أم أن المصلحة تقتضي بقاءه في الشؤون الاجتماعية. وبيّن أنه ينبغى النظر إلى مصلحة الطفل حتى في حال كانت المرأة أمه، مشيراً إلى أن من حق الشؤون الاجتماعية التحقق من المتقدمة بطلب الحضانة حتى وإن كانت والدته من الرضاعة. في السياق ذاته، أكد المحامي محمد المؤنس أن الأنظمة التي وضعها المشرّع جاءت لتنظم الحياة بعيداً من العواطف. وأفاد أنه عندما تسن مثل تلك القواعد والأنظمة فإن الشارع يكون قصد معالجة ما ظهر له من إشكاليات تحتاج إلى مثل تلك القواعد، معتبراً أنه لو ترك الأمر على نحو ما أرادت السيدة (على رغم سلامة المقصد) لكان ذلك سبباً في اختلاط الأنساب وضياع الحقوق. وألمح إلى أن الشؤون الاجتماعية لا ترفض ما تطالب به المرأة، ولكنها تطالب أن تسلك الإجراءات النظامية في مثل تلك الحالات، «الهادفة دائماً إلى حماية المجتمع».