بدأ الاقتصاد التركي في التباطؤ بشكل ملحوظ بعد سنوات من النمو السريع، بسبب الاضطرابات السياسية في الداخل، والصراع على الحدود السورية والعراقية، ما أسفر عن تراجع الإستثمارات. وقال المحلل الاقتصادي سدات يلماز أن ذلك «أثر مباشرة على الليرة التركية التي واصلت تدهورها لتسجل مستويات متدنية جديدة، ما جعل من العام الحالي عاماً اقتصادياً ضائعاً بالنسبة للأتراك»، مضيفاً في تصريح إلى «وكالة الأنباء الكويتية» (كونا) أن «الثقة بالليرة انخفضت بشدة بسبب التوتر الأمني السائد في البلاد منذ أكثر من شهر، على ضوء الصراع الدائر بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني في المناطق الجنوبية الشرقية التركية». وأضاف يلماز أن «قيمة الليرة التركية تشهد تدهوراً مخيفاً أمام العملات الأجنبية، إذ تخطى سعر صرف الدولار 30.3 ليرة تركية، ليحطم رقماً قياسياً، بعدما زاد بنسبة 35 في المئة منذ أيلول (سبتمبر) 2014 حتى الآن، وبنسبة 30 في المئة منذ مطلع العام الحالي». ما يعيد إلى الأذهان أزمة تركيا الاقتصادية في العام 2001، حين زادت قيمة الدولار وأدى إلى تضاعف ديون الشركات الموفرة للتمويلات الخارجية. ومن جهته، أكد وزير المال التركي محمد شميشك أمس أن «الاقتصاد ينمو على الأرجح بنسبة ثلاثة في المئة العام الحالي»، محذراً من أن «غموض الوضع السياسي لفترة طويلة قد يضعف أوضاع المال العامة التي تمثل حالياً عامل حماية من الصدمات الاقتصادية». وعلى رغم تدخل البنك المركزي منذ العام 2012، إلا أن الليرة التركية تواصل الهبوط حتى اليوم، إضافةً إلى تراجع أبرز مؤشر في بورصة اسطنبول. وتشعر حكومة رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو بخطر سحب استثمارات من اقتصادها في حال استمرت تفاعلات قضية هجمات حزب «العمال الكردستاني» المستمرة ضد الجنود الأتراك، وخصوصاً مع قرب حلول موعد الإنتخابات المبكرة المقررة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، والتي ستمثل اختباراً لشعبية «حزب العدالة والتنمية» الحاكم، إذ أن قدراً كبيراً من شعبيته يعود إلى تحسين الوضع الاقتصادي لتركيا، إذ ارتفع مستوى المعيشة للأتراك حوالى 40 في المئة في 13 عاماً. ومر الاقتصاد التركي بعملية تحول كبيرة طوال العقد الماضي منذ وصول الحزب الحاكم العدالة إلى السلطة، ما انعكس على الناتج المحلي الإجمالي للبلاد ومعدل دخل الفرد وعلى أجواء الاستثمار، إذ أصبحت تركيا في المرتبة ال16 في ترتيب أكبر الاقتصادات على المستوى العالمي والسادسة على المستوى، ما خفض معدلات الفائدة والتضخم سريعاً وحقق انخفاضاً في عجز الموازنة وزيادة الإنتاج والتجارة الخارجية.