شدد خبراء على أن القطاع المصرفي السعودي جاذب للاستثمار، مشيرين إلى أن الترخيص للمصارف العالمية للعمل في المملكة «قرار سيادي»، مطالبين بتغيير الأنظمة لإيجاد «حوافز» للمصارف الأجنبية للاستثمار في المدن الصغيرة والمتوسطة، بدلاً من تمركز جميع المصارف في المدن الرئيسة. وقال الأمين العام للجنة التوعية المصرفية في البنوك السعودية طلعت حافظ ل«الحياة»: «إن البيئة المصرفية في المملكة مغرية وجاذبة للمصارف الأجنبية، خصوصاً أنه قطاع قوي، ما يعطي اطمئناناً كبيراً للمستثمر الأجنبي». وأضاف حافظ في حديثه ل«الحياة»: «يوجد في المملكة 12 مصرفاً أجنبياً، حصلت على تراخيص من مؤسسة النقد العربي السعودي، وبذلك يكون عدد المصارف المحلية والأجنبية العاملة في السعودية 24 مصرفاً»، لافتاً إلى أن وجود المصارف الأجنبية في المملكة سينعكس «إيجاباً» على الاقتصاد السعودي. وأشار إلى أن السوق السعودية من أكثر الأسواق «إغراءً» للمستثمر الأجنبي في مختلف القطاعات، بدعم من النمو السكاني الكبير وقوة الاقتصاد السعودي أمام التقلبات الاقتصادية الحادة، واستمرار نموه بوتيرة جيدة خلال الأعوام الخمسة الماضية، بنحو 5 في المئة، و3.47 العام الماضي. وعن تحرير الخدمات المالية والتجارية في المملكة، قال طلعت حافظ: «إن ذلك يخضع لضوابط وأنظمة محددة، وعند تقدم أي مصرف أجنبي بطلب للحصول على ترخيص للعمل في المملكة ستقوم مؤسسة النقد بدرسه جيداً»، مشيراً إلى أن الهيئة العامة للاستثمار أصدرت نحو 19 قانوناً جديداً، وعدلت نحو 42 قانوناً تهدف جميعها إلى مواكبة أنظمة منظمة التجارة العالمية، وتذليل كثير من العقبات والصعوبات التي تعترض المستثمرين، ما جعل المملكة تحتل مركزاً متقدماً في مجال ممارسة الأعمال بسهولة». وأكد أن توجيه خادم الحرمين الشريفين لوزارة التجارة والصناعة والهيئة العامة للاستثمار، بتسهيل عمل الشركات العالمية في قطاع التجزئة وتقديم الحوافز لها، سيكون له «انعكاسات كبيرة، ويوفر فرصاً استثمارية كبرى للمستثمر الأجنبي، خصوصاً أن قطاع التجزئة في المملكة يعمل وفق آلية الوكلاء للشركات والمصانع العالمية، وبالتالي فإن فتح المجال للاستثمار المباشر بنسبة 100 في المئة سيعزز من قدراتهم التنافسية، ويؤدي إلى تحسين جودة المنتجات وخدمة ما بعد البيع، علاوة على تدريب وتأهيل العاملين في تلك المجالات مع توظيف شريحة كبيرة من الشباب السعودي». من جهته، قال العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لشركة «الخبير المالية» عمار شطا، في حديثه ل«الحياة»: «على رغم عدم وضوح القرار، وما إذا كان سيشمل القطاع المصرفي، وفتح المجال للاستثمار فيه، إلا أن القطاع المصرفي السعودي مغر وجاذب»، لافتاً إلى أن الموافقة على الترخيص للمصارف «قرار سيادي للدولة». وشدد شطا على ضرورة «استعداد المصارف السعودية لإقراض الشركات الأجنبية التي ستدخل السوق خلال المرحلة المقبلة، والعمل على تغيير الأنظمة وتقديم الحوافز المناسبة للمصارف الأجنبية للاستثمار في المناطق الصغيرة والمتوسطة، بدلاً من تركز جميع المصارف في المدن الرئيسة، ما يسهم في تنمية تلك المناطق وزيادة السيولة في السوق». واستبعد أن يكون لدخول الشركات والمصارف الأجنبية تأثير إيجابي كبير على السوق السعودية، على المديين المتوسط والقصير، إذ تحتاج تلك الاستثمارات إلى وقت طويل لنعرف آثارها، مؤكداً حاجة الشركات الأجنبية إلى العمل مع شريك محلي، «حتى تتمكن من الإلمام بجميع الجوانب التي لا يعرفها، إلا أبناء البلد». البوعينين: متطلبات «التجارة العالمية» تقتضي فتح الأسواق أوضح المصرفي فضل سعد البوعينين، أن متطلبات منظمة التجارة العالمية تقتضي فتح الأسواق أمام الاستثمارات الأجنبية وإزالة المعوقات التي تحد من التدفقات الاستثمارية، ورفع كل أشكال الحماية المتعارضة مع قوانين المنظمة. وقال البوعينين ل«الحياة»: «إن القطاعات المالية أحد أهم القطاعات المرتبطة بمتطلبات منظمة التجارة العالمية، إلا أن المنظمة أعطت بعض الدول الأعضاء مهلة قبل فتح أسواقها بشكل كلي للاستثمارات الأجنبية». وبيّن أن قرار خادم الحرمين الشريفين بفتح سوق التجزئة أمام الشركات العالمية «ربما كان الخطوة الأولى التي ستتبعها خطوات أكثر انفتاحاً على القطاعات الأخرى، بالتدرج، وأهمها القطاع المصرفي الذي يمكن أن يلعب دوراً مهماً في دعم الاقتصاد، والإسهام المباشر في تحقيق التنمية المستدامة». ورأى البوعينين أن وجود 12 مصرفاً سعودياً، إضافة إلى بعض فروع المصارف الأجنبية «لم يعد متوافقاً مع الحاجات المالية المحلية، بل إنه لا يتوافق مع حجم الاقتصاد السعودي الأكبر في المنطقة، وبمقارنة ببعض الدول الخليجية الأصغر حجماً واقتصاداً، نجد أن عدد المصارف التجارية فيها يتجاوز ضعفي العدد في السعودية». وأشار إلى أن هناك «فرصاً كبيرة» يمكن استثمارها. وقال: «إن المصارف الأجنبية باتت أكثر حرصاً على دخول السوق السعودية»، لافتاً إلى أن التدرج في فتح السوق اليوم خير من مواجهة الطوفان غداً، بل إن رفع التنافسية في القطاع المصرفي أمر صحي، سيسهم في دعم القطاع المالي، وتطوير التقنيات والخدمات وسيوفر قنوات تمويلية جديدة للسوق المحلية».