ال «إيميل» يهزّ رئاسيّات أميركا. لا شيء أقل من تلك الكلمات لوصف الزلزلة التي ترافق النقاش في البريد الإلكتروني للمرشحة هيلاري كلينتون. وهزئ الخبير المعلوماتي الأميركي المنشق إدوارد سنودن، من مزاعم أمن ال»إيميل» التي لجأت إليها كلينتون. في المقابل، شهد عالم التطبيقات الرقميّة اختراقاً بارزاً لتطبيق رقمي في التراسل الإلكتروني، يحمل اسم «سوما» SOMA، استند انتشاره إلى متانته في الأمن الرقمي، وقدرته على إعطاء الجمهور درجة متقدّمة من الحماية لرسائلهم الإلكترونيّة. هل يلفت تطبيق «سوما» الرقمي، أنظار الحملة الرئاسيّة لكلينتون، فينقذها من حرجها الفائق؟ هل يستمر انكشاف إيميل الوزيرة السابقة للخارجية الأميركيّة، في زلزلة حملتها الرئاسيّة ويطيح بحظوظها في الوصول إلى البيت الأبيض؟ وبغض النظر عن إمكان أن ينقذ «سوما» أو سواه، بريد كلينتون وحملتها، فمن غير المستطاع التغاضي عن الحضور البارز للمعلوماتيّة في الانتخابات المقبلة، خصوصاً مع الترشّح اللافت لكارلا فيورينا المديرة السابقة لشركة «آتش بي» HP العالميّة للكومبيوتر. واستطراداً، فمع كلينتون وفيورينا، بات من المستطاع الإشارة إلى ارتباط ما بين المعلوماتيّة والنسويّة في الانتخابات الرئاسيّة الأميركية للعام 2016. «سوما»: الأمن المعلوماتي ممكن ما الذي يميِّز تطبيق «سوما» الرقمي للمراسلة عبر الإنترنت؟ في حوار عبر ال»إيميل»، بيّن صانعو تطبيق «سوما» أنهم عمدوا إلى توزيع خوادمها («سيرفرز» Servers) في مواقع استراتيجيّة جغرافياً، ما يزيد في مناعتها حيال الهجمات الاختراقيّة كالفيروسات الإلكترونيّة وال»هاكرز» وغيرها. وبالمقارنة، تعتمد غالبيّة التطبيقات الرقميّة للبريد الإلكتروني على خوادم مركزيّة، ما يزيد من إمكان تعرّضها للانكشاف أمام تلك الهجمات التي باتت مصدر قلق للجمهور. ولعل الهجمات التي ضربت خوادم البريد الإلكتروني لشركة «سبام هاوس» Spamhaus هي من الأمثلة القريبة عن خطورة الاعتماد على خوادم مركزيّة في البريد الإلكتروني. ولا تتعارض الاستراتيجيّة الأمنيّة اللامركزيّة التي يعتمدها تطبيق «سوما»، مع كونه تطبيقاً مجانيّاً، لأن الشركة تراهن على أن الخدمة المأمونة في ال»إيميل» التي تقدّمها للجمهور، تكون مغرية لشركات الإعلانات الشبكيّة والتجارة الإلكترونيّة، فيأتي المردود المالي منها. ويشبه ذلك كثيراً، الرهان الذي عقده محرك البحث «غوغل» على مجانية الخدمات للجمهور، مع الحصول على أرباح من المؤسّسات. ويستخدم تطبيق «سوما» تقنية في التراسل توازي ما تحوزه خدمة «آي ماسِج» iMessage الذي تصنعه شركة «آبل». وبالتجربة، برهنت تلك التقنية قدرتها في حماية الجمهور من المخاطر الإلكترونيّة المتنوّعة. ويطبّق «سوما» تلك التقنيّة المتينة على خدمات تبادل ملفات الصوت وأشرطة الفيديو أيضاً. واستطراداً، ثمة «غموض» يتوجّب إيضاحه، إذ يعمل «سوما» مع احترام النُظُم السارية في البلدان المختلفة. وعندما لا تسمح السلطات في بلد ما باستعمال التطبيقات الصوتيّة أو المرئيّة- المسموعة عبر ال «ويب»، يغدو من غير المستطاع تقديم تلك الخدمة للجمهور، كما يعمد «سوما» إلى إرسال تنبيهات إلى المستخدمين عن ذلك الأمر أيضاً. وفي منحى الأمن، يعمد تطبيق «سوما» إلى حذف الرسائل عن خوادمه، عقب تسلّمها من قِبَل المستخدم. كما «يُمهِل» الرسائل التي لم يتسلمها أصحابها، سبعة أيام قبل أن يحذفها نهائيّاً عن خوادمه أيضاً. وبقول آخر، لا يلجأ «سوما» إلى الاحتفاظ بالرسائل على خوادمه، على عكس ما يفعله كثير من التطبيقات المُشابَهَة الأخرى. ومع «سوما»، يصبح الأفراد مالكين فعليين لرسائلهم وأشرطتهم وتسجيلاتهم، لأنه لا يجري الاحتفاظ بها إلا على هواتفهم حصريّاً. هكذا تكلّم سنودن! في مقابلة عرضتها قناة «الجزيرة الإنكليزيّة»، سخر الخبير المعلوماتي إدوارد سنودن من مزاعم المرشّحة كلينتون عن أمن بريدها الشخصي الذي ثبت أنها استخدمته في تبادل معلومات رسميّة حساسّة أثناء توليها وزارة الخارجيّة الأميركيّة. ولاحظ سنودن أيضاً أن الفكرة الأساسيّة التي استندت إليها كلينتون في دفاعها عن استخدامها خادماً («سيرفر» Server) خاص لتبادل البريد الإلكتروني الرسمي، تثير السخريّة لأنها جاءت بعد أن ثبت بالخبرة أن الخوادم الرسميّة للحكومة الأميركيّة كانت عرضة للاختراق، فكيف يكون حال «سيرفر» خاص؟ وخلال العام 2014، وصفت كلينتون سنودن بأنه شخص «يساعد الإرهابيّين من دون قصد». وفي مقابلته التلفزيونيّة، استعاد سنودن تلك الاتهامات مشيراً إلى أن كل من يعمل في مؤسّسات رسميّة أميركيّة حساسّة، كوزارة الخارجيّة أو «وكالة الاستخبارات المركزيّة»، يعرف أنه من المحظور استخدام بريد خاص في التراسل في شأن بيانات حسّاسة أو اجتماعات رسميّة، بل أن تلك الممارسة ربما تعرّضه للإقصاء من الخدمة نهائيّاً. وفي خلفية النقاش أن وزارة الخارجية الأميركية نشرت آلاف الرسائل الإلكترونيّة الخاصة بهيلاري كلينتون أثناء توليها حقيبة الخارجية، من بينها 150 رسالة صنّفتها الوزارة بوصفها «سرية». وتعرضت كلينتون لانتقادات في شأن استخدامها «سيرفر» خاص للبريد الإلكتروني في مراسلاتها الرسميّة. وأقرّت كلينتون بأنها أخطأت في ذلك الأمر، موحية بأن الرسائل التي تبادلتها عبر «سيرفر» خاص لم تكن حسّاسة، وهو ما يتعارض مع تصنيف 150 رسالة تحت بند «سريّة» من قِبَل وزارة الخارجيّة. في المقابل، لم تكن تلك الرسائل عينها مُصنّفة بوصفها «سريّة» في الوقت الذي تعاملت مع كلينتون. وكذلك تبيّن أن معظم البريد الإلكتروني الذي تبادلته كلينتون من «سيرفر» خاص، كان يتعلق بأمور الحياة اليوميّة، كرسائل الهاتف وجداول العمل اليومي. ولاحظ مراقبون أن تلك الرسائل تكشف أيضاً معرفة كلينتون ومساعديها بوجوب حماية المعلومات عندما تكون رسميّة وحسّاسة. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن أزمة البريد الإلكتروني أثّرت في شعبية كلينتون، على رغم كونها ما زالت بين مرشحي الحزب الديموقراطي للانتخابات الرئاسيّة.