«رحلة في الوادي» هو المعرض الشخصي السادس للفنانة الفوتوغرافية دانا خريس الذي أقيم حديثاً في قاعة «فخر النساء زيد» في عمّان. جاءت فكرة المعرض خلال هروب خريس من موجة الثلج التي ضربت بلاد الشام في الربع الأول من العام الحالي، إلى منطقة الأغوار الوسطى - نهر الأردن، وهي أخفض منطقة عن سطح البحر، ويخفت فيها تأثير الرياح الباردة، وهطول الثلج، بفعل الدفء الكامن فيها والذي يجعل من أجزاء منها أراضيَ خصبة زراعياً طوال العام، وأخرى جرداء من الرمل والصخر. تُظهر غالبية صور المعرض التي ترصد حقولاً غافية هناك تحت غيوم بيضاء مكتنزة بالمطر، معنى الحزن الثقيل الذي يزرع كآبة في وجدان الرائي، بفعل معاني الكتل الجرداء الداكنة حيناً، وطبيعة الحياة الزراعية فيها حيناً آخر. هذا ما رصدته خريس، لمنطقة تعد مختلفة في صفات تحتكرها. ويجد زائر «رحلة في الوادي» ثلاث مجموعات رئيسة. الأولى: التقاط الكاميرا لمناظر تخلو من الناس، فتكون الطبيعة بتضاريسها هي الأساس في عناصر هذه الصور، راصدةً لقطاتها التعرجات الجيولوجية، أو بحضور فصل الشتاء من خلال رصد «زوم» الكاميرا فيها للغيم الداكن المحمل بالماء الوفير، المار في سماء هذه المنطقة، من غرب البحر المتوسط إلى الشرق. وفي المجموعة الثانية، حرصت خريس على إظهار ساكني هذه المنطقة من غور نهر الأردن. فتلتقط صورة «حبيبا الحصان» التي تنفتح العدسة فيها على منظر أمامي قريب، وتعابير عفوية لشقاوة طفلين، بملابسهما الملوثة بأتربة المكان، وهما يقفان مع صديقهما الثالث الحصان، إذ يعملون معاً في الأعمال الزراعية، حيث يتواطأ الثلاثة على النظر في عين الكاميرا. في هذه المجموعة، ومن خلال صورة عنونتها خريس «المرأة والحقل»، تبدو أنوثة المرأة وإنسانيتها غائبة تماماً، فيظهر جسدها مُندساً في ملابس شتوية ثقيلة، ككائن خلق للعمل الزراعي فقط، إذْ لم تظهر عملية تكييف حدقة الكاميرا إلا هذا «الكائن»، ولم تُظهر إلا أمتاراً من الأرض الزراعية التي يقف عليها منحنياً للعمل، وكأن لا أفق له إلا بارتباطه بهذه الأرض، بوصفه عاملاً فقط. وشملت المجموعة الثالثة صوراً تحضر فيها تقنية التقاط الصورة بوضع الكاميرا في حالة سكون، وهي ترصد بحساسية فنية حدوث لحظة زمنية، تمكث لحظاتٍ يصنعها التبدل الضوئي في تضاريس هذه المنطقة، حيث تجيء الألوان في الكتل وكأنها لوحة زيتية. ويتبدى ذلك في لوحات مثل «بلا عنوان» تحضر فيها جماليات اللون الأخضر على الكتل الزراعية، ويليها صعوداً البُنّي الفاتح لسلسلة جبال جرداء، ومن ثمَّ زرقة السماء المندغمة مع بياض كتل الغيم. وكان للتجريب الفوتوغرافي نصيب في هذا المعرض، إذْ تكوّنت لوحة من 24 صورة مربعة الإطار. كل ست صور تتجاور فيها أفقياً، عبر أربعة صفوف لورق نخيل، تكاد تغيب عنه صفرته المعهودة، ويبرز في سبع من صورها اخضرار ورق البقيلة، من بين ثنايا ورق النخيل. يُذكر أن خريس عضو الجمعية الأردنية للتصوير، وجمعية البيئة الأردنية، ورابطة الفنانين التشكيليين. وأقامت سابقاً ستة معارض فردية، هي: «من الأردن» في جامعة غازي التركية في أنقرة 2011، وخمسة محلية هي «من طبيعة بلادي» في العام 2010، و( تانغو ) 2008، و»حجر شجر ضوء» 2007، و»ذاكرة البحر» 2004، و»تكوينات» 2003. ونالت الجائزة الأولى في مسابقة «ليال نجيب» في العام 2007 في لبنان، والجائزة الأولى في مسابقة «لقاء الربيع الدولي الثاني للتصوير الفوتوغرافي (الإنسان والعمل)» 2007 في الرقة في سورية، والجائزة الثانية في مسابقة «ابن الهيثم» 2007 في تونس، والجائزة التقديرية لمسابقة أمانة عمّان الكبرى 2004.