كانت نجلاء الخليفة، منذ صغرها، تحمل الكاميرا التقليدية، أثناء التنزه مع أسرتها في البر والبحر. نجلاء الخليفة الحائزة على جائزة المركز الأول في مسابقة التصوير الفوتوغرافي للتراث العمراني السعودي، التي أقيمت في مدينة جدة مؤخراً، قالت في حوار مع «الشرق» إن ما تعانيه الفوتوغرافية السعودية هو غياب الدعم والتقدير، وغياب التنظيم المؤسسي الفعال، وعدم وجود مؤسسات تعليمية ذات مستوى عالٍ، لصقل المواهب وتطويرها، وإن الحراك الفوتوغرافي في المملكة يحمل كثيراً من الزخم والتجدد، وأن المصورة السعودية برعت وقدمت أعمالاً متفردة أوصلتها إلى العالمية. * أهدتك«صورة المدرسة الأميرية بالهفوف» جائزة المركز الأول في مسابقة التصوير الفوتوغرافي للتراث العمراني السعودي، ما قصة هذه الصورة؟ وراء هذه الصورة قصة، فقد رأيت صوراً لمعالم واحة الأحساء للمصور عبدالعزيز البقشي، وأسرني جمال التراث العمراني، وطبيعة الواحة، فزرتها بعدساتي، قاصدة المدرسة الأميرية، وقصر إبراهيم، وجبل القارة، حيث لم يصدق كثيرون ممن شاهدوا صور الجبل أنه معلم سياحي في المملكة، وكانت عدساتي تشير ببوصلتها بقوة إلى المدرسة، ولا أعرف لذلك سبباً، فأخذت لقطات عدة، وفي كل مرة أرى شيئاً جميلاً، وهذه الصورة المدرسة الأقرب إلى نفسي، لذا فرحت كثيراً بأنها حصلت على المركز الأول في مسابقة تصوير التراث العمراني. * لديك تجربة مع الصورة الرقمية، حدثينا عن هذه التجربة؟ بدأت علاقتي مع الكاميرا منذ الصغر، حيث كنت أهوى تصوير المناظر الطبيعية، والأماكن التي نسافر إليها أثناء العطل المدرسية، والمناسبات العائلية، ولكنني لم أكن أعلق أهمية على ذلك، فما كنت أمارسه هو مجرد اختزال ذكرى للمكان، أو المناسبة، والاحتفاظ بها، فقد كانت لي ميول للرسم والفنون الجميلة، وصقلت موهبتي من خلال دورات تدريبية في الرسم، ومع السنين زاد شغفي بالتصوير، وبدأت أطور هوايتي من خلال الحصول على دورات في التصوير الفوتوغرافي والتصميم والفنون الجميلة، ومن يشاهد أعمالي يرى أنها تحمل تأثيراً واضحاً للفنون الجميلة، ويمكن لمسه من خلال موضوع الصور، أو فكرتها، أو زاوية التقاط الصورة، واليوم أصبحت أحمل عدساتي معي أينما ذهبت. * العدسة الأنثوية لها طابعها الخاص الأكثر إحساساً، فهل تختلف عدسة المرأة عن عدسة الرجل؟ إلى حد ما، فعدسة المرأة وعدسة الرجل تجتمعان في أمور، وتفترقان في أمور أخرى. أعتقد أن هذا الاختلاف يثري، ولا ينتقص من جمال أو تميز الصورة، والتصوير الضوئي ليس مجرد ضغطة زر، كما يظهر لبعضنا، والصورة تتشكل من وجدان وأحلام المصور نفسه، وتجاربه الحياتية المتراكمة وذكرياته، إضافة إلى خلفيته الثقافية، وبالتالي تشكل نظرته إلى العالم، وأعتقد أن هنالك اختلافاً في طريقة الطرح، واختيار المواضيع، وأجد أن العدسات الأنثوية تهتم بالنواحي الجمالية، والتفاصيل بشكل أكبر، ولو وجد لدينا المشهد نفسه، أعتقد أن كلاً منهما سيتعامل معه بطريقة خلاقة ومختلفة تعبر عن مكنوناته، فأفكارنا تلون أعمالنا. * ما الذي يثير عدسة نجلاء ليجعلها تجمد لحظات سريعة، ومرة تستنطق الجماد؟ أحمل عدستي لأعرف العالم بوطني عن كثب، من خلال تجسيد موروثنا الثقافي والحضاري المشرق. وبشكل عام، يجذبني التراث العمراني والمباني، و»اللاند سكيب» والتجريد، وكل ما يعكس إحساس المكان، من معمار وألوان ووجوه وأحداث، كما أحمل تحدياً شخصياً بأن أقدم المألوف بصورة جديدة، تجعل الناظر يتأمله، وكأنه يراها للمرة الأولى. أما على الصعيد الشخصي، فأشعر بأن الصورة تختزل الأمكنة واللحظات، والمشاعر والذكريات في آن واحد، فتجدني تارة أسعى لتوثيق اللحظة، أو إحساسي بالمكان، وتارة أحاول تجميد الزمن في تلك اللحظة، وكم نظرت إلى صورة أعادتني مرة أخرى إلى إحساس نسيته، أو افتقدته. * ما أبرز المشكلات التي تواجهها المصورة السعودية؟ هنالك غياب للدعم والتقدير لنشاط التصوير، في ظل غياب التنظيم المؤسسي الفعال، وعدم وجود مؤسسات تعليمية على مستوى عالٍ لصقل المواهب وتطويرها، إضافة إلى عدم تفهم بعضهم للتصوير ك»نشاط مهم وفن راقٍ» يساهم في التعبير، ورقي المجتمعات، فضلاً عن أن الساحة تفتقد وجود مؤسسات. وتتولى إدارة وتطوير مسار واضح للمصورين وتسويق الأعمال، وحفظ الحقوق والملكية الفكرية كتلك التي نراها في دول العالم المتقدمة. * كيف ترين المصورة السعودية؟ الحراك الفوتوغرافي في المملكة يحمل كثيراً من الزخم والتجدد، ولدينا مصورات برعن وقدمن أعمالاً متفردة أوصلتهن إلى العالمية، وهنالك كثيرات بحاجة إلى الدعم. وما وصلنا إليه هو من خلال التعليم الذاتي والمجهود والمتابعة الشخصية لما يحدث في العالم الضوئي من حولنا، ونحن بحاجة إلى الاعتراف بأهمية التصوير الضوئي ورسالته، وتقديم الدعم المتكامل للتطوير والانتشار محلياً وعالمياً، حينها فقط سنتمكن من فرد أجنحتنا، والتحليق عالياً. * لماذا يبحث المصور عن لقطات فريدة في الخارج، بينما المملكة تجمع البحر والصحراء، وتضاريس مختلفة؟ أعتقد أن السبب الأساس هو قلة المعرفة بما تحويه المملكة من ثراء وتنوع، لذا يتجه المصورون إلى البديل الأسهل. ولكنني أعتقد أن من حق وطننا علينا أن نتخطى الصعوبات، ونبحث ونستكشف ما في داخله من جنات، ومن ثم نقدمه للعالم، فالتصوير الضوئي، كأي فن آخر، يحمل رسالة وأهدافاً وطنية وإنسانية، وما يميزه بأنه لغة عالمية يستطيع الجميع تذوقها، فالصورة الفوتوغرافية تتخطى حواجز اللغة، والحدود المكانية والزمانية الأخرى. * ما هي الجوائز التي حققتها عدسة نجلاء؟ حصلت على جوائز عدة، منها: المركز الأول في مسابقة التصوير الفوتوغرافي للتراث العمراني السعودي عن «المدرسة الأميرية الأولى بالأحساء»، تراثنا في عيوننا 2011م، والمركز الأول في مسابقة «الوطن في عيون الفوتوغرافيات»، عن «ممر الذكريات»، من وزارة الثقافة والإعلام الرياض 2011 م، والمركز الرابع في المهرجان العربي الأوروبي الثامن للصور الفوتوغرافية، عن «الحلم الوردي» محور البيئة والطبيعة، من اتحاد المصورين العرب هامبورغ 2011م، والمركز الأول في مسابقة معرض ازرع شجرة عن «مقعد في الحديقة» جمعية البيئة السعودية الغاط 2011م، والمركز الأول في مسابقة الآثار في عيون الفن، عن «من المصمك إلى السماء»، من الجمعية السعودية للدراسات الأثرية الرياض 2011م، والمركز الثالث في مسابقة البحر بعدسة الفنان، عن «في ذات يوم جميل» من نادي التصوير الضوئي بتبوك 2011م، والمركز السادس في مسابقة غاليري الفن النقي، عن «الإعصار» الرياض 2011م، والمركز الثالث في مسابقة PX3 الفرنسية، فئة الطبيعة عن «صباح جميل»، والمركز الثالث في مسابقة معرض إبداعات ولقطات، عن «الدرعية بين الأمس واليوم» الهيئة العامة للسياحة والآثار 2007 م.