احتفالاً بالإسكندرية عاصمة السياحة العربية للعام 2010، نُظّم معرض فني كبير احتضنته قاعات قصر التذوق في المدينة تحت عنوان «الإسكندرية... عاصمة السياحة العربية». ويشكّل المعرض، الذي شارك فيه 80 فناناً وفنانة من مختلف الاتجاهات والمناحي الفنية في تناغم بين التصوير والغرافيك والنحت، حضوراً مغايراً على الساحة التشكيلية، إذ يجمع مؤشرات تعبيرية وتجريدية معاً، ويعرّف الى تنويعات بصرية ومنحوتات مدهشة ولوحات تشكيلية ثلاثية الأبعاد امتزج فيها الواقع بالخيال عبر فلسفة اعتمدت على تثمين المؤهلات السياحية التي تزخر بها المدنية الكوزموبوليتانية لإبراز مكانتها السياحية عربياً وعالمياً. والملاحظ أنه على رغم أن غالبية الأعمال الفنية اتخذت منحى تراثياً استظهر جميع المتضادات، الأبيض والأسود، الحار والبارد، العالي والمنخفض، فإنها شكلت على اختلافها وتعدد اساليبها الفنية روحاً واحدة دلت على مضمون واحد هو الإسكندرية. وتضمن المعرض لوحة مميزة للفنان علاء سيف استخدم فيها تقنية الغرافيك في محاولة لاختراق المزاج العام السائد التقليدي حول مفهوم اللوحة التشكيلية والفن عموماً. واستطاع أن يختزل عدداً من أشهر الموتيفات السكندرية مستخدماً تكنيكاً غير مألوف في الإخراج الفني. ويمثل عمله الفني حالة ما بين التصوير والنحت. يقول علاء: «حاولت الدمج بين التجريدية والكلاسيكية، فأينما وليت وجهك تستطيع أن تفهم اللوحة وتسبر أغوارها». وقدمت ياسمين صلاح لوحة، تصوير فوتوغرافي لمنظر داخلي لقلعة قايتباي الشهيرة ظهر فيها عمق تشكيلي ودرجات لونية مختلفة وإضاءات طبيعية وصناعية، وتوضح ياسمين: «استخدمت فلاش الكاميرا الذي أبرز اللون الحقيقي للجدار وتركت الإضاءة الطبيعية لتظهر التدرجات اللونية». وعن مشاركتها تقول: «الصور تشابه أي تعبير جسدي للإنسان، فالابتسامة لغة عالمية، وكذا الحال مع الصورة فإنه بمقدوري أن أنقل للعالم ما أريده وما ينتجه وطني ببساطة، فصورة واحدة أبلغ من ألف مقال والإسكندرية تستحق هذه المكانة لامتلاكها كل مقومات السياحة العالمية وليس العربية». وفي السياق ذاته، يقول محمد النادي الذي شارك بلوحة تصوير زيتي: «الفن خير سفير لنشر الثقافة، والإسكندرية عروس المدائن وقبلة السياح في الشرق والغرب ونحن من خلال المعرض نحاول أن نبرز المقومات السياحية التي تزخر بها المدينة. أقدم لوحة تستظهر التاريخ القديم للمدينة وفق منطقة اللبان الأثرية حيث يظهر منزل ريا وسكينة (أشهر ثنائي مجرم في القرن الماضي) بشبابيكه العتيقة والكوابل الخشبية التي تحمل البلكونات والفيرفورجيه الذي أبدعه العمال الإيطاليون في ذاك الوقت. فاللبان من أقدم المناطق الأثرية بالإسكندرية». ومن الأعمال التي أجمع كثيرون على تميزها اللوحة التي قدمتها ليندا عادل «ألوان غواش» التي تناولت موتيفات سكندرية في إطار رمزي وتجريدي، إذ قامت بتجريد عناصر عدة كالسمكة والقوقعة وحصان البحر واتخذت باليتة لونية عفوية وفطرية مشكلة إيقاعات بصرية تتناسب مع أطروحات العودة إلى الطبيعة. وقدم هشام لضرير لوحة تصوير زيتي جمع فيها بين الحضارة الفرعونية القديمة والحضارة الرومانية، مستعرضاً ما تتمتع به الإسكندرية من إرث ثقافي زاخر يمتد آلاف السنين. ويساهم المعرض في تسليط الضوء على الإسكندرية وغناها الحضاري ومعالمها، واستثماراً لرصيدها الثقافي والمعرفي والعمراني، مبرزاً أهم المعالم السياحية في الإسكندرية من خلال ما يزيد على 120 عملاً فنياً ما بين التصوير الزيتي والفوتوغرافي والنحت والأعمال المركبة.