ربما لا يكون ضجيج السيارات ودخان العوادم والأبواق المتعالية الأجواء المناسبة لكتابة قصيدة وقرض الشعر، لكن الشاعر والميكانيكي في آن سليم روك (يمني الجنسية)، نجح في إقناع الفنان السعودي يوسف سحاب بعذب كلماته، ليصوغها في دويتو «خلوه»، كما غناها برفقة المطربة الشابة الجازي، ووجدت رواجاً في الأيام الأخيرة، بعد أن بثتها «إم بي سي إف إم» الإذاعية حصرياً. العلاقة بين سحاب وسليم بدأت من مشوار قطعه الأول، برفقة صديقه الملحن مونس الشلبي، بسبب مشكلة ميكانيكية لمركبته، وبين مشوار تسليم السيارة وتسلمها مجدداً توطدت العلاقة بين الأطراف الثلاثة، ليلتقوا مجدداً على بساط الصداقة الرحب، بعيداً عن الورش والمنطقة الصناعية. وعلى رغم أن سحاب كان معجباً بعدد من القصائد التي أسمعها إياه سليم، إلا أن شرارة اللحن لم تشتعل في وجدانه. ويروي سليم (38 عاماً)، وهو أب لستة أبناء، القصة ل«الحياة»، قائلاً: «ذهبت لزيارة سحاب في الأستوديو، وفي حوزتي قصيدتان، وعندما أسمعتهما له لم تنالا إعجابه، فقضينا وقتنا نتجاذب أطراف الحديث، وفجأة قرر يوسف أن يعزف على آلة العود من دون كلمات، كان يطرب للجملة الموسيقية فيعيدها. وهنا رحلت بخيالي بعيداً، وبدأت في ارتجال مطلع القصيدة». ويواصل: «قلت ليوسف: فلتسمع هذين البيتين من وحي عزفك، وسردت له المطلع، فأبدى إعجابه. وخلال سويعات كنت استكملت القصيدة. وكانت عند يوسف، الذي أكمل العمل فيها بشكل جميل». ويشير إلى أنه يكتب الشعر بشكل دائم، كلما استثارت مشاعره حالاً أو حادثة أو موضوعاً، منذ أن كان في ال17 من عمره. ويرفض النظرية التي لا تؤمن بأن «الميكانيكي من الممكن أن يكون شاعراً». ويقول: «الإنسان أياً كانت مهنته أو عمله لديه مشاعره. فالميكانيكا عمل بالنسبة ليّ، لكن الكلمات والشعر إحساس وعالم مختلف، ينقلني إلى عالم من الخيال الممتع». يلتقط الفنان يوسف سحاب خيط الحديث، ويواصل بالقول: «بالنسبة لي الكلمات مفتاح سحري، ومتى ما أطربتني الكلمات وشعرت بإحساس فيها، لن أتردد في تلحينها وغنائها، وكلمات خلوه لامست شغاف قلبي منذ أن سمعتها». ويضيف مبتسماً: «أغني منذ نحو عقد من الزمان. وربما تستغرب إذا قلت لك أن هذه أكثر أغنية شعرت أنها تمثلني، وتمثل إحساسي ومشاعري». ويرى سحاب أن سبب نجاح الأغنية هو «تعامل الشاعر والملحن والموزع معها، بصدقية عالية»، قائلاً: «لم ألحن الأغنية من أجل المال، غنيتها لأنني شعرت بها، وهذا جانب مهم، الأمر الثاني أننا لم نجامل فيها، وكنا صادقين مع أنفسنا وإمكاناتنا اللحنية والصوتية، وعندما انتقلت الأغنية إلى مرحلة التنفيذ قمنا بإعادة التسجيل مرات ومرات، قبل أن نقتنع بأننا أديناها كما رسمناها في مخيلتنا».