أكد محللان خليجيان أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى الولاياتالمتحدة الأميركية تأتي من موقف قوة بعد «عاصفة الحزم»، التي تتجه المتغيرات الميدانية بعدها إلى مصلحة قوى التحالف العربي، مثلما أن صفقات واتفاقات سياسية وعسكرية عقدتها المملكة مع قوى عظمى، مثل روسيا وفرنسا، سيفهمها صانع القرار الأميركي على أن نهج السعودية الجديد متعدد الخيارات، وليس مرهوناً بالتحركات الأميركية وحدها، وتعاطيها مع ملفات المنطقة. وقال رئيس المنتدى الخليجي للأمن والسلام الدكتور فهد الشليمي ل«الحياة»: «إن الملفات التي تحملها زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى الولاياتالمتحدة الأميركية تضم ثقلاً إقليمياً إسلامياً وعالمياً، وهي ملفات يجري نقاشها بعد سلسلة اتفاقات قامت بها السعودية، وتحالفات شملت روسيا وفرنسا، إضافة إلى أن ملفات الوضع السوري، ومحاربة الإرهاب المتمثل في تنظيم داعش الإرهابي، والعراق الذي يُدار من طهران، غدت ملفات عالمية، مثلما ستناقشها السعودية مع أميركا؛ ناقشتها من قبل مع قوى كبرى أخرى». وتوقع الشليمي أن «تكشف أسئلة السعوديين موقف البيت الأبيض الملتبس نحو أبرز أحداث المنطقة، مثل الدور الإيراني الحالي والمستقبلي، خصوصاً بعد الاتفاق النووي، والسيناريوات التي يمكن للولايات المتحدة القيام بها تجاه حلفائها في المنطقة، في حال لم تف إيران بالتزاماتها»، مشيراً إلى أن اللقاء سيكون من موقع «قوة»، بعد حشد تأييد عالمي والحصول على إجابات وامتيازات من الجانب الروسي نحو ملفات المنطقة، ما يجعل الخيارات والبدائل متاحة». وأضاف رئيس المنتدى الخليجي للأمن والسلام «إذا اختارت الولاياتالمتحدة الأميركية الإصرار على نهج التردد تجاه ما تشهده المنطقة من أحداث، فإن من حق السعودية أن تنظر في مصالحها، وأن تتأكد من مدى التزام الأميركيين باستقرار المنطقة في ما يتعلق بالجانبين الإيراني والسوري. أما الشأن اليمني فإنه محسوم لمصلحة دول التحالف، بدليل عدم اعتراض مجلس الأمن. في حين يبقى الملف السوري شائكاً، حتى بعد الدعم الفرنسي لحل من دون الأسد، وإن كان ذلك لا يغني عن الدعم الأميركي في مجلس الأمن، بهدف رسم مستقبل سورية ووضعها بعد الأسد، في وقت أبدى الروس فيه استعدادهم للتراجع عن بعض مواقفهم المتشددة حول بشار الأسد». وتوقع المحلل الشليمي أن تكون القمة المرتقبة بين الملك سلمان وأوباما «كافية لوضع النقط على الحروف، خصوصاً بعدما برزت السعودية قوة إقليمية كبرى، ما أعاد ترتيب ميزان القوى في المنطقة، ومن المرجح أن يجمع لقاء بين خادم الحرمين الشريفين وأعضاء في الكونغرس الأميركي، تهمهم سياسات المملكة بوصفها أكبر مصدر للنفط في العالم، وغالباً ما تشهد مثل هذه الزيارات توقيع اتفاقات في مجالات عدة، مثل التسليح والتدريب، وتطوير القدرات العسكرية». من جهته، ذكر رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني في مجلس النواب البحريني عبدالله بن حويل أن زيارة خادم الحرمين الشريفين للولايات المتحدة في هذا التوقيت «تحمل دلالات كثيرة، أبرزها حضور السعودية على الساحة العالمية، دولة صانعة للقرار، وليست خاضعة له، ينظر إليها العالم بتقدير، نظير نهج السياسة القوية التي اتبعها الملك سلمان فور تسلمه مقاليد الحكم، ناهيك عن المتغيرات المتسارعة التي تشهدها المنطقة العربية سياسياً، والتقلبات التي تشهدها الأسواق العالمية دولياً، والاتفاق النووي الإيراني المثير للجدل». وأشار ابن حويل إلى أن السعودية أضحت «الامتداد الرئيس للقرار العربي الإسلامي، وعليه فإن الاتفاقات التجارية والعسكرية التي وقعتها المملكة أخيراً مع روسيا وغيرها كانت في بعض ما تعنيه، رسالة بضرورة إيفاء الولاياتالمتحدة بعهودها السياسية تجاه المنطقة العربية، وأن السعودية وغيرها من دول المنطقة تريد موقفاً فعلياً على الأرض، وليس وعوداً ديبلوماسية وسياسية فارغة». وزاد المسؤول البحريني: «المملكة ومعها شركاؤها في المنطقة يرون التوغل الإيراني وأيضاً تصريحات العداء المستمرة للقادة في طهران نحو الدول الخليجية والعربية، وكذلك الدعم العسكري اللوجستي المعلن وغير المعلن الذي تقدمه القيادة الإيرانية لطوابيرها الخامسة في البحرين واليمن وسورية ولبنان والعراق والكويت وغيرها، وموقف أميركا منها، بوصفها دولة عظمى تدعي أنها صديقة وحافظة للسلام، مهم أن يكون واضحاً وغير ضبابي مثلما هو في الوقت الحالي».