في موضع قريب من أحد أقدم المكتبات في الشرق الأوسط (مكتبة البلدية - 1892) وفي منطقة محرم بك القديمة (حي الصفهوة سابقاً) في الإسكندرية: افتتح قبل أيام المتحف المختص الأول لفنون الخط العربي في مصر والعالم العربي. ويعوّل مثقفون ومبدعون على المتحف الذي يعيد إحياء أحد أهم الفنون التراثية المرتبطة بالهوية وعلاقتها بالبيئة الإبداعية والموروث التراثي والتاريخ القديم، وهو الخط العربي الذي يعاني إهمالاً عقب موجات من التغريب والتجريف لمدلولات فكرية وتراثية وحضارية تجري في المنطقة على قدم وساق. يضم المتحف مجموعة من أندر لوحات رواد الخط العربي من مصر والعالم العربي مروراً بمختلف المدارس التشكيلية الفنية القديمة والحديثة، وبمختلف أنواع الخطوط منها الكوفي والثلث والديواني والرقعة والنسخ وما يجمع بينها. ومن أهم مقتنيات المتحف البالغ عددها 80، ما يعرف ب «خبيئة الغوري» التي كانت مختفية سنوات طويلة واكتشفت أخيراً. وتحتضن جدران المتحف مجموعة من نفائس الخط العربي بتكويناته وأشكاله المختلفة، والتي أبحر في متونها فنانو الخط خلال عقود، ومنها رسالة الرسول (ص) للمقوقس عظيم القبط في مصر مختومة بخاتم الرسول، إضافة إلى نسخة نادرة من فرمان تولي الخديوي عباس حلمي الثاني، بخط الطغراء، وعدد من لوحات رائد الخط العربي سيد إبراهيم، فضلاً عن عشرات المرقعات والقطع الخطية لأبرز الخطاطين الذين أسسوا مدارس خطية بقواعد راسخة عبر أكثر من قرنين، أمثال محمد مؤنس زاده والشيخ مصطفى صالح الغَرّ ومحمد إبراهيم الأفندي والخطاط الملقب بالفنان محمد محفوظ، أول من ابتكر خط التاج، ويوسف أحمد مصطفى بك غزلان وغيرهم. ويضم المتحف أيضاً آنية خزفية ووحدات إضاءة وتشكيل مزخرفة يدوياً لا تقدر بثمن. وكان المتحف أحد المباني الإدارية التابعة لمتحف الفنون الجميلة المعروف بمتحف حسين صبحي الذي افتتح عام 1954، ويضم مجموعة من أندر اللوحات لفنانين عالميين، ويقام فيه البينالي الأقدم على مستوى العالم بعد بينالي البندقية الذي يحتضن ضمن نشاطاته مهرجان البندقية السينمائي. وعام 2009، جدد المبنى ليصبح واحداً من أهم متاحف الخط العربي في المنطقة، كما أنشئ مركز ثقافي دولي خلف المتحف يشمل قاعات للعروض المتغيرة بعيداً من العروض المتحفية، وكذلك قاعات للورش الفنية وأماكن لاستضافة الفنانين الأجانب. وشهد افتتاح المتحف معرضاً للخط العربي في عنوان «الحروفية... برؤى مختلفة»، وجمع تقنيات الحداثية والرقمية والتقليدية في صوغ لوحات الخط العربي. كما ضم المعرض عدداً من الكتل التشكيلية النحتية الحديثة من مختلف الخامات وصيغت بالخط الحر.