سيطر ملفا التعاون الاقتصادي ومكافحة الإرهاب على قمة عقدت أمس في سنغافورة بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظيره السنغافوري توني تان، خلصت إلى اتفاق على «ضرورة المواجهة الفاعلة للإرهاب والتطرف». وكان الرئيس السنغافوري استقبل السيسي في ثاني أيام زيارته في مقر القصر الجمهوري حيث أقيمت له مراسم الاستقبال الرسمي وعرض حرس الشرف وعزف السلام الوطني للبلدين. وتطرق الرئيسان إلى ملف «مكافحة الإرهاب»، إذ شدد السيسي خلال اللقاء على «أهمية قيمة التعايش السلمي وضرورة التصدي بقوة وفاعلية للإرهاب»، منبهاً إلى «آثاره المدمرة فكرياً واقتصادياً»، وأن «أعمال العنف والقتل والتخريب هي أبعد ما تكون من قيم الإسلام السمحة النبيلة التي تحض على الرحمة والتسامح وقبول الآخر»، وفقاً لبيان رئاسي مصري نقل «توافق الرئيس السنغافوري مع رؤية الرئيس». ونوه تان بأن بلاده «تستوعب الكثير من الديانات والثقافات وتحرص على التعاون وتحقيق التوافق المجتمعي». وأضاف، وفق البيان المصري، أن «مكافحة الإرهاب يتعين أن تتم من خلال استراتيجية شاملة لا تقتصر على الجوانب الأمنية فقط، بل تمتد لتشمل أيضاً الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية وإعادة تأهيل المجتمع ليغدو أكثر تسامحاً». وأشاد ب «الدور المحوري الذي يقوم به الأزهر في التعريف بصحيح الدين الإسلامي ونشر قيم الاعتدال والوسطية والتسامح في المجتمع، وهو الأمر الذي يساهم بفعالية في مكافحة الفكر المتطرف ويحصن الشباب ضد خطر الانضمام إلى الجماعات الإرهابية والمتطرفة، كما أشاد بدعوة السيسي إلى تصويب الخطاب الديني، مثنياً على موقف مصر القوي في مكافحة الإرهاب وجهودها المبذولة من أجل دحره والقضاء عليه». وتطرق الجانبان إلى الملف الاقتصادي، فأشاد تان بمشروع توسعة قناة السويس «وإنجازه في زمن قياسي خلال عام واحد فقط»، فيما أبدى السيسي «تطلع مصر إلى الاستفادة من الخبرة السنغافورية في عدد من المجالات، ومن بينها تحلية المياه ومعالجتها وتطوير الموانئ»، لافتاً إلى أن «المرحلة المقبلة ستشهد عدداً من المشروعات التنموية التي ستنفذها مصر، وبينها مشروع التنمية في منطقة قناة السويس التي تضم ستة موانئ، إضافة إلى تقديم الخدمات اللوجستية وإنشاء عدد من المناطق الصناعية في البحر الأحمر ومنطقتي العين السخنة وشرق بورسعيد». ورحب بالاستثمارات السنغافورية في مختلف المشاريع المطروحة، وعرض الإجراءات والتشريعات التي اتخذتها بلاده «من أجل جذب الاستثمارات وتهيئة المناخ المناسب». وأوضح البيان المصري أن السيسي اجتمع أيضاً مع رئيس الوزراء السنغافوري لي هسين لونغ، وأعرب عن «تطلعه إلى ترجمة العلاقات التاريخية بين البلدين إلى خطوات عملية جادة للتعاون والعمل المشترك في عدد من المجالات، وأن مصر ترغب في تعميق تعاونها مع سنغافورة في مجال التعليم العام والفني والارتقاء بجودة التعليم الذي يتلقاه حوالى 22 مليون طالب مصري». وأشار رئيس وزراء سنغافورة إلى «توافق البلدين في الرؤى، سواء إزاء سبل إدارة العلاقات الثنائية أو في ما يتعلق بالقضايا الدولية»، مؤكداً «دعم سنغافورة حصول مصر على العضوية غير الدائمة لمجلس الأمن». ونوّه بأهمية الاستثمار في الكوادر البشرية عبر التعليم والتدريب الجيد، وقدم عرضاً لتجربة بلاده، مشيراً إلى معهد التدريب الفني في سنغافورة ودوره في تخريج العمالة الماهرة. بعدها استقبل السيسي في مقر إقامته عدداً من أبرز مسؤولي الشركات في سنغافورة. وقال بيان رئاسي إن السيسي عرض «المشاريع التي يتم تنفيذها في مصر حالياً وفي مقدمها مشروع التنمية في منطقة قناة السويس وما سيشهده من إقامة منطقة صناعية على مساحة 40 مليون متر مربع وتطوير لعدد من الموانئ شمال القناة وجنوبها، ومشروع استصلاح وتنمية مليون ونصف المليون فدان، إضافة إلى مشروع الشبكة القومية للطرق ومشروعات البنية التحتية، وإقامة مدن عدة جديدة بينها العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين الجديدة ومدينة الجلالة الجديدة التي ستقام على ارتفاع يناهز 800 متر فوق سطح البحر الأحمر، مشيرا إلى أنه يتم تجهيز البنية الأساسية لمعظم هذه المشروعات خلال عام ونصف العام فقط، وأن مصر ترحب بالاستثمارات المباشرة العربية والأجنبية، ومن بينها الاستثمارات السنغافورية». وأوضح أن «من المقرر أن يتم الانتهاء من تطوير ميناء شرق بورسعيد في تشرين الأول (أكتوبر) 2016 ليستقبل السفن والشاحنات العملاقة التي يبلغ عمق غاطسها عشرين متراً». وأكد «عزم مصر على مواصلة جهودها من أجل تحقيق هدف بناء دولة حديثة قوامها اقتصاد قوي يلبي طموحات الشعب المصري في الرخاء والتنمية الشاملة». وأشاد ب «النمو المضطرد الذي تشهده العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات، ولاسيما على الصعيد الاقتصادي»، إذ مثلت مصر الشريك التجاري الأول لسنغافورة في الشرق الأوسط خلال العام الماضي الذي شهد أيضاً استثمارات سنغافورية في مصر بقيمة 400 مليون دولار. ومن المقرر أن يختتم السيسي زيارته سنغافورة اليوم بزيارة ميناء سنغافورة، حيث يبحث في تعزيز التعاون بين الميناء وهيئة قناة السويس، قبل أن يغادرها متوجهاً إلى الصين في محطته الثانية ضمن جولة آسيوية.