يبدأ الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عامه الرئاسي الثاني بعد أسابيع، في ظل تعويل متزايد على المؤسسة العسكرية لقيادة خطط التنمية، في مقابل علاقة يشوبها غياب الثقة بالمؤسسات المدنية التي يوجه إلى أدائها انتقادات متكررة. وقال السيسي لدى افتتاحه أمس مشاريع اقتصادية نفذها الجيش، إن «مصر في حاجة إلى بذل مزيد من الجهد والعمل من جانب المسؤولين ومؤسسات الدولة للوصول إلى معدلات التنمية المطلوبة»، قبل أن يشيد بالمؤسسة العسكرية التي رأى أن «أبناءها الشرفاء يثبتون للعالم كل يوم أنهم قادرون على تحدي الصعاب وصنع المعجزات في المجالات كافة وتحت مختلف الظروف». وطالب العسكريين ب «العمل على تنمية المهارات العلمية والهندسية للنهوض بالقوات المسلحة والمساهمة في بناء مصر المستقبل باعتباركم جزءاً أصيلاً من نسيج الوطن». وأكد حرصه على «تطوير القوات المسلحة وتسليحها وفقاً لأحدث النظم العالمية وبالاعتماد على عقول وسواعد أبنائها». ومنذ وصوله إلى الحكم في حزيران (يونيو) الماضي، أوكل السيسي غالبية المشاريع الاقتصادية والتنموية إلى الجيش. وكان أبرز تلك المشاريع حفر توسعة لقناة السويس وتعميق المجري الملاحي القديم، وهو المشروع الذي ينتظر افتتاحه في آب (أغسطس) المقبل، إضافة إلى إقامة شبكة طرق وجسور ومشاريع خدمية. وأكد في كلمته على هامش افتتاح مشاريع عسكرية أمس، أن «لا أحد يستطيع الوقوف أمام إرادة الملايين من أبناء الشعب المصري»، مطالباً ب «التوحد والتكاتف وعدم الفرقة والانقسام من أجل مواجهة التحديات الصعبة التي تواجهها بلادنا». وأضاف أن «الشر لن يستطيع أن ينال من مصر وشعبها طالما كانت هناك يقظة من الجميع». وتابع: «إننا قادرون على أن نفعل الكثير الذي نؤمن به لأولادنا وأسرنا وبلادنا ومستقبلنا، وأن نشكل وعياً حقيقياً بالعمل الجاد وإعلاء المصالح العليا للوطن». لكنه لفت إلى أن مصر «لن تتقدم إلا بالعمل والتحام كل مسؤول في مؤسسات الدولة، كبيراً أو صغيراً، وفي كل القطاعات مع مرؤوسيه، وعدم ترك الشباب من دون تواصل وحوار من أجل مستقبل بلدهم». وتطرق إلى أزمة انقطاع الكهرباء عن مقر الإذاعة والتلفزيون الرسميين «ماسبيرو»، مشيراً إلى أن الحادث «تسبب في الإساءة إلى مصر كثيراً». وتساءل: «كيف يكون مسؤولو الإذاعة والتلفزيون على دراية بالأزمة ولا يستطيعون حل المشكلة؟». وقال: «نعمل بالورقة والقلم، والظروف صعبة، ونحتاج أشياء كثيرة في الفترة المقبلة، منها أن يكون لدى المسؤولين خيال وأفكار لتحقيق الكفاءة ومعدلات التنمية المطلوبة. وهذا الخيال لا بد من أن يتوافر في كل المؤسسات، بما فيها جهاز الشرطة والكلية الحربية والجامعات ومؤسسات الدولة كافة». وأضاف أن «الدولة تستهدف الحفاظ على الرأي العام المصري، ورفع مستوى الوعي في مواجهة التحديات التي تحيط بالمجتمع خلال الوقت الراهن». ووجه السيسي التحية إلى شباب مصر، قائلاً: «هم أمل مصر ومستقبلها بما لديهم من المقومات العلمية والثقافية والقدرة على العطاء من أجل مصر. الدول تتقدم بالجهد والإيثار والمثابرة، ومصر تخطو بقفزات كبيرة في المجالات كافة. وهذا يتطلب من أبنائها الإخلاص والتفاني في العمل وإنكار الذات». ورأى أن «الدولة تسير في طريقها الصحيح نحو العمل والبناء رغم كل التحديات والمصاعب التي نواجهها»، مطالباً الشعب ب «استكمال مسيرته لبناء المستقبل والنهوض بمصر إلى المكانة التي تستحقها بين الأمم والشعوب». وشدد على أنه «لا يوجد مستحيل طالما كان المصريون على قلب رجل واحد». إلى ذلك، اتصل السيسي هاتفياً أمس برئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لتهنئته على فوز حزب «المحافظين» الذي يترأسه بالانتخابات البرلمانية التي جرت أخيراً، مشيراً إلى أن ذلك «يعكس الثقة التي يوليها الشعب البريطاني له». وأعرب عن «تطلع مصر إلى العمل مع الجانب البريطاني في إطار من التعاون والتنسيق المشترك من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، ولا سيما في مجال مكافحة الإرهاب». وأفاد بيان رئاسي مصري بأن السيسي وجه الدعوة إلى كاميرون «لحضور الاحتفال الذي تقيمه مصر بافتتاح قناة السويس الجديدة»، ونقل شكر رئيس الوزراء البريطاني على التهنئة، «مؤكداً تطلع بلاده إلى تعزيز علاقات التعاون مع مصر في الفترة المقبلة، وحرصه على دعم العلاقات بين البلدين في مختلف أبعادها، خصوصاً على صعيد الاستثمارات البريطانية المباشرة في مصر، منوهاً بأنه سيهتم بتشجيع وتنمية هذه الاستثمارات خلال المرحلة المقبلة، كما أعرب عن تطلع بلاده واهتمامها بتعزيز جهود التعاون المشتركة مع مصر والدول المتوسطية في ما يتعلق بالتعامل مع الملف الليبي». وأوضح البيان أن «الاتصال تناول تطور الأوضاع الداخلية في مصر، وأكد الرئيس الحرص على إرساء دولة القانون في مواجهة الإرهاب والتطرف، وكذلك الفصل بين السلطات، فضلاً عن العمل على تحقيق التوازن بين استتباب الأمن والاستقرار من جانب وتعزيز الحقوق والحريات من جانب آخر». والتقى السيسي في قصر الاتحادية الرئاسي أمس مديرة منظمة «يونسكو» إيرينا بوكوفا، وناقشا «جهود مكافحة الإرهاب في المنطقة». ولفت الرئيس المصري إلى «الأهمية المضاعفة التي يكتسبها عمل يونسكو في المرحلة الراهنة، لاسيما بالنسبة إلى منطقة الشرق الأوسط التي تواجه الكثير من التحديات». ووفقاً لبيان رئاسي مصري، «توافقت الرؤى خلال اللقاء على أهمية الأبعاد الثقافية والفكرية ودورها الأساسي في جهود مكافحة الإرهاب بحيث تتم في شكل شامل لا يقتصر فقط على الجوانب العسكرية والأمنية، مع تأكيد الدور الذي يمكن أن تقوم به منظمة يونسكو في هذا الشأن». وأشادت بوكوفا ب «دور الأزهر الذي يعد منارة للإسلام الوسطي المعتدل، ونوهت بدعوة السيسي إلى تجديد الخطاب الديني وتصويبه لتنقيته من أي مفاهيم مغلوطة عن الإسلام»، وفق البيان.