لا أتفق مع من يذهب إلى ان القضاء في السعودية مستهدف من تيارات في الداخل. في المقابل احتمالات استغلال ما ينشر في الصحف من جهات خارجية قائم، وخاضع لتقلبات السياسة كما هو معلوم. أمور كثيرة بعيداً من القضاء وأحكامه تستغل. ومن المهم مواجهة ذلك شرط ألا يؤدي إلى تحجيم مساحة النشر. والاشكالية ان الصحافة تعمل بوتيرة أسرع كثيراً من القضاء. الاختلاف في أسلوب العمل هذا ناتج عن اختلاف الأدوار، بين ركض يومي يبحث عن الجديد واللافت وحتى المثير وسط منافسة محمومة، وبين القضاء الذي من خصائصه التروي والأناة والتدقيق والشمولية. هذا التشخيص غرضه الوصول إلى نقاط التقاء تدفع بالشراكة بين القضاء والإعلام إلى الأمام، والشراكة تعني ايضاً احتمالات وقوع الاحتكاك، ومما وصلني من عتب «عدلي»، ان بعض الصحف لا ينشر الردود الرسمية في المكان البارز نفسه وحجم المساحة التي احتلها الخبر محل الخلاف، وهذه حقيقة واقعة بل ان صحفاً - كما وردني - لا تنشر إطلاقاً عندما يكون الرد غير مريح لها. هذه المسؤولية تقع على رؤساء التحرير، وهم من يجب عليهم تلافيها، مع ان نظام النشر يكفل ذلك. ومع تفهم أهمية الصفحة الاولى لكل صحيفة يمكن اللجوء الى حل وسط، بعناوين واضحة للردود المستحقة. لنترك الصحافة ولنذهب إلى تعامل جهات حكومية مع القضاء وأحكام صادرة عنه اكتسب بعضها صفة القطعية والنفاذ، ولننظر هل في هذا التعامل صورة من صور الاحترام ام نقيضه. يعاني افراد وجهات من «تطنيش» مندوبي جهات حكومية الحضور الى جلسات قضائية، يتم استنفاد الوقت، جلسة بعد جلسة، وموعداً بعد موعد، بحجج واهية. صاحب المظلمة يزداد الضرر عليه، ولم يرفع صوتاً ضد هذا في ما أعلم، فإذا كانت جهات حكومية لا تحترم وقت وجهد القاضي والجهاز القضائي، فأي قدوة تقدم يا ترى؟ ومن المسؤول عن هذا الهدر؟ حتى في أحكام صادرة ضد جهات حكومية أيضاً تتم المماطلة في التنفيذ او المداورة عليه، بل ان آليات التنفيذ غير واضحة، فيبقى الوضع على ما هو عليه ويلجأ المتضرر إلى رفع قضية اخرى واستصدار حكم جديد! «وكأنك يابو زيد ما غزيت»، في حين تم إشغال القاضي والقضاء من دون نتيجة تحققت لمصلحة صاحب المظلمة وإشاعة العدل. جهد ووقت ضائعان، كان من الممكن ان يستثمرا لمصلحة النظر في قضايا اخرى وفك اختناقات متراكمة. نشرت «الحياة» أخيراً عن قضية من هذا النوع، غداً بعون الله تعالى نستعرضها مع بعض الاقتراحات لعلها تحقق الفائدة. www.asuwayed.com