ترك فوز الوزير جبران باسيل برئاسة «التيار الوطني الحر» بالتزكية لحظة إقفال باب الترشيحات، والذي أصبح أمراً واقعاً بعد التسوية التي تمت بإشراف رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النيابي ميشال عون، وانكفأ بموجبها النائب ألان عون الذي كان يستعد لخوض المعركة، ندوباً في قواعد التيار ستبقى ماثلة للعيان إلى حين إجراء الانتخابات المقبلة على مستوى القواعد والمنسقيات داخل التيار في آذار (مارس) المقبل، وما ستحمله صناديق الاقتراع في المناطق، حيث الأطر التنظيمية المنافسة في هذه التشكيلات، ستكون حاضرة بفاعلية، لحصد أكبر عدد من الأصوات يمكنها مستقبلاً من تعطيل قرارات لا تلامس قناعاتها. وعلى رغم خلو الساحة لباسيل، أراد الفريق المعترض على الاتفاق الذي رعاه عون تسجيل موقف، فتقدمت لائحة ثانية ضمت زياد البايع رئيساً وإيلي معلوف وفارس لويس نائبي رئيس، لخوض السباق إلى الرئاسة، إلا أن اللجان رفضت ترشيحها لأنها «لم تستوف الشروط الداخلية». وفي وقت أفاد الأمين العام للتيار إيلي الخوري بأن عدم تسجيل طلب ترشيح لائحة البايع سببه عدم إبراز المستندات المطلوبة وفقاً للأصول، تحدث قيادي في التيار ل «الحياة» عن ثلاث ثغرات: عدم حيازة أحدهم شهادة جامعية، وعدم إبراز وكالة لترشيح الثاني، الذي لم يحضر شخصياً ليقدم ترشيحه، أما الثالث فإن المستندات التي تقدم بها لا تحمل توقيعه. البايع الذي ينتمي إلى مجموعة التيار البرتقالي الفاعلة في بلاد الانتشار، شرح الأسباب التي حالت دون قبول ترشحه، فقال: «كنت أحلم بأن أعيش الحياة الديموقراطية التي نريدها في حزبنا والتي نطالب بأن نعيشها على صعيد الوطن. وبعد تشاور مع رفاقي، لمست أن كثيرين منهم يشاركونني الأمنية نفسها، فتقدمت بترشيحي، لكن تبين نظامياً أن أوراقي كانت ناقصة، وبسبب عامل معين أحتفظ فيه لنفسي رُفض الطلب». إعلان النتائج استبقته المعارضة داخل التيار باجتماع طارئ عقدته في فندق «ماديسون» في جونية وجه رسالة نصية تناقلها المعارضون هاتفياً، أعلنوا فيها رفضهم ما وصفوه ب «الاتفاق المشبوه». وأشارت أوساط في التيار إلى أن الاجتماع شارك فيه أكثر من مئتي حزبي غالبيتهم غير راضية عن التسوية الرئاسية، وارتأت أخيرا ترشيح البايع، بعد محاولة لإقناع النائب زياد أسود الذي كان بين الحضور الى جانب عدد من قياديي التيار، بينهم أعضاء في الهيئة التأسيسية فيه، بالترشح فلم يستجب، لكنه سارع بعد خروجه من اللقاء إلى الاتصال بباسيل وأبلغه تأييده لرئاسة التيار، مؤكداً أن مشاركته في اللقاء ليست موجهة ضده. وقد التقيا في اليوم التالي، على ما قال ل «الحياة»، قيادياً في التيار شارك في جانب من الاجتماع وأطلع خلاله باسيل على أجواء اجتماع الماديسون ورغبة المشاركين بالاستمرار في التيار وأنهم ليسوا ضد باسيل وإنما مع المنافسة الديموقراطية. بعد تصديق عون على فوزه على رأس لائحة ضمت الوزير السابق نقولا صحناوي نائباً للرئيس للشؤون السياسية، ورومل صادر نائباً للرئيس للشؤون الإدارية، اعتلى باسيل مصحوباً بشريكي الفوز والرئاسة منصة مسرح الاحتفال الحاشد الذي أقامه التيار للمناسبة في قصر المؤتمرات- ضبيه لإعلان برنامجه لرئاسة التيار وتحقيق أهدافه. وفي خطابه أكد باسيل أن «الوفاء سيبقى للعماد ميشال عون المؤسس والرئيس الزمني والأبدي للتيار. نحن ضمانة الجنرال، لأنه لم يستجد يوماً إلا ضمانة شعبه، وتيارنا أصغر من لبنان وأكبر من الشرق». وقال في ما يشبه الرد على المعارضين: «ويل لتيار إذا كانت مقدراته بيد جاحديه وكلمته بيد ضعافه وقادته هم صغاره». وسأل: «هل قضية بحجم قضيتنا يسمح بالتلاعب والتشكيك بها؟». وزاد أن «التوافق هو شكل من أشكال الديموقراطية، سعينا وسنسعى له في رئاسة الجمهورية، ونسعى له دائماً في التيار». وبعد مخاطبته الحضور ب «أقبل أياديكم لأنكم رجال عون في الساحات»، توجه إلى زعيم التيار قائلاً: «أما أنت يا ميشال عون، فأركع أمامك، أنا ورفيقيَّ (أومأ برأسه إلى صحناوي وصادر) وكل رفاقي لترفع رأسك بنا دوماً، لتباركني أنا، لا لأكون مكانك، لأنه لا أحد يملأ مكانك، بل لأتشرف أن أكون في المنصب الثاني من ورائك». وما أن أنهى باسيل كلامه حتى ملأت التعليقات الساخرة و «النكات» مواقع التواصل الاجتماعي، منها «باسم الآب والصهر والروح القدس». وأخرى «التيار فات بالحيط بلا ما حدا يدفشو». وأشار آخر في تغريدة له إلى «حصول معجزات شفاء بين الحضور». وفيما المعارضة داخل التيار تتحضر لرد مفصل على عملية تنصيب باسيل رئيساً للتيار، على ما قال معارضون للتسوية، قال ناشط في التيار ل«الحياة»: «انتظروا صناديق الاقتراع في آذار».