بات من المستحيل استغناء الأطفال عن أجهزتهم اللوحية التي يحملونها أينما ذهبوا في السوق، في المطعم، في السيارة، وحتى في السفر وزيارة الأقارب، على رغم تحذيرات باحثين من خطورة الجلوس أمام «الأجهزة اللوحية» أكثر من 30 دقيقة في وضعية واحدة، لأنها قد تسبب لهم آلاماً مزمنة في الرقبة والظهر في مرحلة لاحقة من حياتهم. كما أنها قد تسبب مشكلات في العضلات والعظام في فترة البلوغ في حال كان الجلوس أمامها في وضع ثابت من دون حركة. كل ذلك لم يمنع الأطفال حتى الكبار من الشغف باستخدام المتكرر للأجهزة اللوحية، ما دعا خبراء التربية والتعليم إلى استثمار هذا الشغف والاستفادة منه في أغراض التعليم. وتوقعت دراسات أجريت أخيراً أن يشهد قطاع التعليم في بلدان الخليج العربي زيادة في استخدام الأجهزة الذكية في أغراض التدريس والتعليم بنسبة 100 في المئة بحلول عام 2017، بينما كشفت المُحاضِرة الجامعية نورة هيفاء الحميدان عبر موقع «الأكاديميون السعوديون» أن أكثر من 75 مدرسة في المملكة أدخلت أجهزة لوحية في الفصول الدراسية في ظل توجه واضح من التربيين نحو استخدامها في التعليم. وأضافت: «خلال السنوات الماضية تقلص الوقت الذي كان يُقضى مع الكتاب العادي، وتوافد الصغار على القراءة الرقمية، وقضاء ذلك الوقت مع الأجهزة الذكية. لكن حلول التقنية محل الكتاب العادي استغنى عن ميزات الكتاب الورقي التي اتفق عليها التربويون من حيث كفاءة البيئة التعلمية للكتاب». وأشارت الحميدان إلى أن «الكتاب السحري» كان هو الحل لدمج الكتاب العادي بالمحتوى الرقمي من طريق تقنية الواقع المدمج، مبينة اختلافه عن غيره من تقنيات التعليم التي استبدلت الكتاب الورقي تماماً بالوسائط الرقمية، لافتة إلى أن ذلك يعتبر نقلة نوعية لجذب «القراء الرقميين» الصغار نحو الكتاب العادي، ليشكّل ثورة مقبلة في مجال التعليم. وذكرت الحميدان أن التطورات الأخيرة التي طرأت على هذه الأجهزة أنضجتها وخوّلتها دخول مجال التعليم، وقالت: «مع ظهور كتاب الواقع المدمج (الكتاب السحري) أصبح يلفت أنظار التربويين أكثر لتوفيره بيئة تعليمية تحتفظ بمميزات الكتاب العادي، فضلاً عن دخول الأجهزة اللوحية إلى المدارس ما جعل فرص الإستفادة من هذه التقنية في التعليم متاحة بكلفة أقل». وبيّنت الحميدان أن الكتاب السحري (Magic Book) كان هو الاسم الأول لكتاب الواقع المُدمج الذي كان الإطلاق الرسمي الأول له في عام 2008، وزادت: «إن الكتاب المدمج يعمل بالتقنية ذاتها للواقع المُدمج، لكن باستخدام الكتاب والجهاز الذكي معاً. فهو كتاب عادي يمكنك أن تقرأه وتتصفحه في شكل طبيعي من دون تدخل أي جهاز. لكن، عندما تنظر إليه من خلال الأجهزة الذكية (الأجهزة اللوحية أو غيره) سترى العنصر الافتراضي يقف فوقه الكتاب، وقد يكون فيديو، أو رسوم متحرّكة، أو رسوماً ثلاثية الأبعاد». بينما قدّم المشرف التربوي في مديرية تعليم مكةالمكرمة عدنان الأحمدي عرضاً مرئياً عبر شبكات التواصل الاجتماعي يظهر الفوائد التربوية من الأجهزة اللوحية في التعليم وكيفية استخدامها. تضمنت شروحات وتطبيقات مهمة للمعلمين والطلاب، إضافة إلى أفكار في كيفية استخدام الأجهزة الذكية داخل الفصل. وأوضح أستاذ علم النفس التربوي المشارك في جامعة طيبة بالمدينة المنورة الدكتور حسن ثاني، أن الأجهزة اللوحية يمكن أن تكون بديلاً من الكتاب المدرسي شرط ألا تكون نسخة منه، وقال: «ينبغي أن يكون واضعو المناهج على معرفة ومهارة بخصائص الأجهزة اللوحية، والاستفادة منها حيث تكون المادة الدراسية موضوعاً مثيراً للطلاب، وتمتاز بالتفاعلية وترتبط بالإنترنت. وتدفع بالطالب إلى أن يكون باحثاً عن المعرفة التي تهمه وليس متلقياً سلبياً للمعلومات، وتجعله متواصلاً مع معلميه وزملائه». وأردف: «ينبغي على واضعي المادة العلمية للأجهزة اللوحية أن تكون لديهم المهارات الإبداعية والأفكار الديموقراطية التي تثير ميول الطلاب ورغباتهم، حتى يصبح التعلّم أكثر مرحاً والمدرسة مكاناً أكثر فرحاً. وأشار إلى أن هناك سلبيات على الصحة ناجمة عن استخدام الأجهزة اللوحية، كأن يُنعم الطلاب النظر فيها وقتاً طويلاً، «لكن يمكن التغلّب على هذه المشكلة من طريق تطبيق الإرشادات الصحية في التعامل مع الأجهزة اللوحية».