من كانت لديه مطالب سياسية وحياتية وبيئية أو مآخذ على أداء المسؤولين السياسيين اللبنانيين في البرلمان والحكومة، نزل إلى قلب بيروت في اليومين الماضيين، بشكل فردي أو ممثِّلاً حركات وحملات وجمعيات متعددة أُضيفت إلى مجموعة «طلعت ريحتكم». والفارق بين ما حصل السبت والأحد الماضيين وما بعدهما، غياب خراطيم المياه ورشق الحجارة ورمي زجاجات المياه والغاز المسيل للدموع، فاستبدلت بها هتافات مطالبة بإسقاط الطبقة السياسية الفاسدة وإجراء انتخابات نيابية وإلغاء مناقصات النفايات وتسليم الملف إلى البلديات وتأمين فرص العمل وإزالة الجدار مقابل السراي الكبيرة، الذي ما لبث أن رفعت مكعباته بقرار من رئيس الحكومة تمام سلام. وأطلق المتظاهرون الصوت الليل ما قبل الفائت من أمام قصر العدل للمطالبة بمحاسبة المسؤولين، وإجراء تحقيق سريع في شأن ما تعرض له المتظاهرون، حتى وصلوا ساحة رياض الصلح وحلت محل الشغب إضاءة الشموع تكريماً للجرحى والدعاء بالشفاء للجريح محمد قصير (أفادت مصادر قضائية بأنه أصيب بقنبلة دخانيه سقطت على رأسه أثناء تواجده عند تقاطع باتجاه منطقة الجميزة)، وذلك بدعوة من «اتحاد الشباب الديموقراطي» في إطار حملة «بدنا نحاسب». ونفّذت مجموعة «حلوا عنّا»، تجمعاً صامتاً في الساحة من أجل قصير أيضاً. ودونت حملة «بدنا نحاسب» مطالبها على الجدار الضخم قبل رفعه، وعبَّر كل فرد منها برسومه عن نقمته على طبقة سياسية يعتبرها غير مؤهّلة لمسك ملفاته الحياتية، إلى أن تحوّل الجدار لوحة فنيّة استقطبت المصوّرين والعابرين. كُتبت على المكعبات عبارات ضد المجلس النيابي باعتباره مدد لنفسه، إلى جانبها كلمات شكر للحكومة على هذه المساحة وهذا الحائط «فهو يساعدنا في التعبير عن رأينا». كثرٌ من الموجودين في الساحة، وتحديداً من حملة «بدنا نحاسب»، طالبوا باستمرار التظاهرات إلى حين إقرار قانون انتخاب على قاعدة النسبية ولبنان دائرة واحدة، ثم إجراء انتخابات نيابية لإنتاج السلطة المؤلفة من رئيسي الجمهورية والحكومة. وقال حسن بزي: «هذا صراع سياسي لتحقيق مكاسب». وعبر رئيس جمعية «الحركة البيئية اللبنانية» بول أبي راشد عن سعادته بإلغاء المناقصات، متمنياً أن «تكون هناك ورشة عمل، فهناك مجموعة حلول تشارك فيها القطاع الخاص اللبناني والبلديات والمواطن والخبراء البيئيون مع الوزراء لوضع خطة موحّدة». أما الناشط البيئي سمير سكان رئيس جمعية «غرين غلوبل»، فطالب بأن «تتسلم البلديات ملف النفايات بدلاً من أن يكون بأيدي شركات خاصة تبغي ربح تسونامي». أما المطالبة بتأمين فرص العمل فكان يطلقها شبان ينتمون إلى أحزاب سياسية متعددة، وقال أحدهم أتى من طرابلس، إنه نزل في تظاهرات لقوى 14 آذار «ولكن اليوم قرفنا من كل الأحزاب، واكتشفنا أنهم يقسمون كل ملف كقالب الجبنة». وسأل خليل مرداس الذي طالب بانتخابات نيابية بقانون نسي عادل: «لماذا طرد وزير التربية الياس بو صعب من التظاهرة السبت الماضي؟». وقال: «المطالبة بإسقاط النظام ستوصلنا إلى ربيع عربي مزوّر وهذا غير مقبول». وأكد الناشط في حملة «طلعت ريحتكم» غسان أبو دياب: «إننا نحضر لتظاهرة منظّمة السبت المقبل مع تحديد المطالب بعيداً من الشعارات العامّة، كالمطالبة ب»إسقاط النظام»، ولن نقبل أن يشارك فيها أحد من غير المنضبطين». الى ذلك، طلب النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود ترك عدد كبير من الموقوفين الذين تجاوزوا الستين في «أحداث رياض الصلح» بعدما تبين أنهم غير متورطين في أعمال شغب، فيما تتواصل التحقيقات مع آخرين ويجري العمل على تفريغ أشرطة الفيديو التي استحصل عليها المحققون من كاميرات المراقبة ومن وسائل الإعلام لإعطاء صورة أدق عن هوية المشاركين في الأحداث. وأكدت مصادر مطلعة أن الذين قاموا بأعمال الشغب باتوا معروفين لدى الأجهزة الأمنية.