استقطبت حالات الشغب والفوضى العارمة التي اجتاحت وسط بيروت ليل أول من أمس، حراكاً سياسياً واسعاً، وحركت اتصالات ولقاءات متسارعة بين مختلف القوى السياسية لتدارك الوضع، وعقد جلسة لمجلس الوزراء اليوم. والتقى رئيس الحكومة تمام سلام في السراي الكبيرة وزير الاتصالات بطرس حرب الذي أعلن تضامنه مع «موقف رئيس الحكومة الذي عبر عن رأيي وعن رأي الحكومة». وقال: «من واجبنا أن نقول أن الدولة لا يمكن أن تتفرج على انفلات الأمن»، مؤكداً أن «لا أحد لديه رغبة بالاستمرار في الحكومة، فعملية تفريغ السلطة ورئاسة الجمهورية فرضت استمرارها، وإذا كان لدى أحد رغبة بتعطيل مجلس الوزراء عليه أن يتحمل مسؤولياته تجاه الرأي العام». ومن زوار سلام رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل يرافقه رئيس كتلة نواب الحزب ايلي ماروني ووزيرا العمل سجعان قزي والإعلام رمزي جريج. وأسف البطريرك الماروني بشارة الراعي خلال اتصال أجراه بسلام «لاندساس مغرضين في التظاهرات السلمية المشروعة واجهوا بعنف القوى الأمنية لتحويل التظاهرات عن هدفها الأساسي المحق». ووفق بيان المكتب الإعلامي للبطريرك، كان «توافق على ضرورة التروي والسعي الدؤوب لانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع ما يمكن». اتصالات عون وجعجع وفيما أطلقت الاتصالات حركة متسارعة في اتجاه ترجيح عقد جلسة استثنائية للحكومة اليوم وفق وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، لبحث ملف النفايات فقط، اتصل رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي ميشال عون بالبطريرك الراعي والرئيس أمين الجميل ورئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع للتشاور بالمراسيم المتعلقة بصلاحيات الرئيس وضرورة احترام الدستور. وذكر المكتب الإعلامي لجعجع انه اتصل بكل من سلام، والرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة، وتداول معهم في «الأزمة المستجدة الناتجة من التقاعس في معالجة ملف النفايات وما نتج منها من أعمال شغب في بيروت والتي لا تليق بصورة لبنان بعد أن قام بعض المندسّين بتحوير أهداف التظاهرة السلمية». وشدد جعجع وفق البيان «على وجوب احترام الاستقرار والانتظام العام في البلد والحفاظ على تماسُك الحكومة في ظل الفراغ الذي نُعاني منه، لا سيما أن الرئيس سلام يتحمّل في الوقت الراهن مسؤولية الإمساك بالشرعية في البلد»، مؤكداً أن «الحلّ يبدأ بتوجه النواب إلى المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية». سليمان و«التأسيسي» وزار رئيس «الكتائب» الرئيس ميشال سليمان وقال: «بحثنا الخطوات التي يجب أن تتخذ»، معتبراً أن «الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء ستكون مفصلية ومن الضروري أن يتحمل الجميع المسؤولية». أما سليمان فأكد أن «اعتماد التوافق في مجلس الوزراء لا يعني تعطيله»، معتبراً أن «المجلس النيابي شرعي لكنه غير ديموقراطي». وشدد على «ضرورة تمرير الحكومة القضايا المتعلقة بشؤون الناس ولو بالنصف زائداً واحداً، وضرورة الخروج بقرار موحد وصلب في موضوع النفايات». وقال: «يجب عدم الإبقاء على الوضع كما هو، يكفي ما حصل بالأمس. للأسف المقاصد جيدة ولكن النفايات السياسية أتت وخربطت المطالب وأوصلت البلد إلى ما وصل إليه من تدهور، المطلوب البدء برئاسة الجمهورية وهذا ما يجب أن يعرفه الشباب الذين تظاهروا، ومن ثم تحل الحكومة وبعدها يقر المجلس النيابي قانون انتخاب جديداً والمجلس النيابي الجديد في إمكانه تقصير ولاية الرئيس المنتخب إذا كان من خط آخر. المجلس سيد نفسه وعلينا عدم استعجال الأمور ورمي كل الأوراق لأن هناك من يريد ذلك بحيث لا يبقى هناك شيء منتظم في البلد لكي يذهبوا إلى مؤتمر تأسيسي». وحمل وزير الخارجية جبران باسيل على رئيس الحكومة متهماً إياه بأخذ مكان رئيس الجمهورية. ورأى أن «المشاركة لا تحصل إذا كنا محرومين من التمثيل الفعلي، ومحجوبين بقوة القانون أو الأمر الواقع». وأكد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان أن «الحكومة لا تسقط في ظل الفراغ في سدة الرئاسة الأولى». وأسف رئيس الهيئات الاقتصادية عدنان القصار «لانحراف مسار التظاهرات عن جوهرها». وأكد أن «بقاء حكومة المصلحة الوطنية أمر في غاية الأهمية». وناشد رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة محمد شقير «اللبنانيين عدم التصعيد والذهاب بالبلاد نحو المجهول»، مؤكداً أن «لبنان لا يحتمل ثورة تطيح الأخضر واليابس مع اللهيب المستعر من حولنا».