يخاطر الكثير من الشبان في الجزائر بحياتهم للعبور إلى أوروبا عبر البحر المتوسط، بسبب قلة الفرص وفقدان الأمل في مستقبل أفضل في بلادهم. ويلقب الشبان العابرون إلى أوروبا ب "الحراقة" لأسباب عدة منها حرقهم أوراقهم الرسمية للحؤول دون ان تكشف السلطات هوياتهم. وتشتهر مدينة سيدي سالم الساحلية منذ عقد بكونها نقطة انطلاق "الحراقة" إلى جزيرة سردينيا الإيطالية، إذ تستغرق الرحلة حوالى 12 ساعة من الجزائر في حال كانت الظروف المناخية مواتية. ونقلت "بي بي سي" البريطانية عن رشيد (33 سنة) الذي حاول العبور إلى أوروبا مرات عدة، قوله: "على رغم امتلاكي فرصة عمل وبيتاً يؤويني، ليس لدي مستقبل هنا في الجزائر"، مضيفاً: "حياتي تشبه السجن هنا، لذا سأذهب إلى سردينيا مجدداً حال وصول مركب متوجه إلى هناك". وتحاول الحكومة الجزائرية منذ العام 2009 الحد من هجرة الشباب، إذ صنفت الهجرة غير المشروعة جريمة تترتب عليها غرامات وسجن بين شهرين وستة أشهر، فيما عززت الحراسة الحدودية على امتداد سواحل البلاد الممتدة على طول 1200 كيلومتر. وقال رشيد أن "الشرطة الإيطالية أخبرتنا بأن السلطات الجزائرية تدفع 4500 يورو لإعادة كل منا إلى البلاد"، لافتاً إلى أن ذلك أحبطه للغاية. وأصدرت وزارة الشؤون الدينية الجزائرية فتوى تمنع الهجرة غير الشرعية، حاضة آلاف الجوامع على التحذير من عواقب الذهاب إلى أوروبا، لكن محاولات "الحراقة" لا تزال مستمرة في وقت تزداد فيه أعداد الجزائريين المفقودين في البحار والموقوفين. ونقلت الشبكة البريطانية عن محام جزائري قوله إن "الموقوفين لا يمكثون طويلاً خلف القضبان بسبب عدم قدرة السجون على استقبال المئات من الحراقة سنوياً"، لافتاً إلى أن التشديد الحكومي على الهجرة غير الشرعية "جاء نتيجة ضغوط اوروبية". وأشارت "بي بي سي" إلى أنه على رغم الدعم الحكومي لأسعار السلع اليومية وتمويل حوالى 340 ألف مشروع صغير، ما اوجد أكثر من 800 ألف فرصة عمل، إلا أن الكثير من المواطنين فقدوا الأمل في مستقبل أفضل، خصوصاً في ظل الركود الاقتصادي الذي تشهده البلاد تزامناً مع انخفاض اسعار النفط والفساد الإداري. واعتبر يوسف عثماني الذي يملك مطعماً في العاصمة، أن "الخطوات الحكومية وسيلة للتغطية على غياب تغيير حقيقي في البلد".