تعطّل العمل أمس في ميناء أم قصر الاستراتيجي في مدينة البصرة، بعدما أغلق محتجون الطريق المؤدية إليه في أعقاب اعتداء مجموعة من الأشخاص يرتدون أزياء رسمية على معتصمين في إحدى ساحات المدينة. في الوقت ذاته، تواصلت التظاهرات في مدن وسط العراق وجنوبه، وهي كانت بدأت نهاية الشهر الماضي احتجاجاً على سوء الخدمات وانقطاع التيار الكهربائي، ثم تطورت لتطالب بتغيير في جوهر النظام السياسي. وقال عمار الصافي الناطق باسم الشركة العامة لموانئ العراق إن عشرات المحتجين أغلقوا بوابتي ميناء أم قصر الرئيسيتين الجمعة، ونصبوا خيماً خلال الليل ورفضوا السماح بعبور الشاحنات، ومنعوا الموظفين من دخول الميناء الذي يستقبل المعدات الثقيلة المستخدمة في منشآت صناعة النفط. وأوضح الصافي ومصدر أمني أن قوات الأمن حرصت على إبعاد المحتجين عن الميناء، لكنها لم تفرّقهم. إلى ذلك، حملت التظاهرات الأخيرة في مدن عراقية شعار إلغاء مجالس المحافظات والبرلمان، بالتزامن مع تداخل أجندات سياسية في محاولة للتأثير على مطالب المتظاهرين. ورغم إعلان رئيس الحكومة حيدر العبادي إصلاحات إدارية ومالية، لم تؤدِّ تلك الإصلاحات إلى إرضاء المتظاهرين الذين رفعوا سقف مطالبهم، بالتناغم مع تصعيد المرجعية الشيعية العليا التي يقودها علي السيستاني، نبرتها ضد الوسط السياسي والقضائي العراقي. وقالت مصادر في محافظة البصرة إن الأوضاع مرشّحة للتدهور، في ضوء تزايد عدد المعتصمين الذين أغلقوا شوارع وساحات، وتراوحت شعاراتهم بين تحقيق مطالب خدمات وزيادة رواتب، إلى إقالة الحكومة المحلية وإعلان إقليم البصرة. وكانت شركات نفطية أعربت الأسبوع الماضي عن قلقها من تنامي الاحتجاجات في المدينة التي تضم معظم الآبار النفطية العراقية، وهدّدت ضمناً بإغلاق مقرّاتها، لكن العبادي زار البصرة نهاية الأسبوع ذاته لتقديم تطمينات للشركات في شأن أمنها. وانتقدت شخصيات بارزة في «التحالف الوطني» الشيعي الشعارات التي طاولت شخصيات دينية، إذ قال زعيم «المجلس الأعلى الإسلامي» عمّار الحكيم خلال تأبين في الذكرى السنوية ال17 لمقتل محمد صادق الصدر ونجليه: «إننا بحاجة إلى أن نتضامن وفي شكل واسع مع القوات المسلحة في الجيش، والشرطة الاتحادية، والحشد الشعبي وأبناء العشائر والبيشمركة». وأضاف الحكيم: «ننظر بأسف شديد لعملية الاستهداف الظالم الذي تتعرّض له المرجعية الدينية والحالة الدينية والإسلام، والقيم الدينية في العراق، من مجموعات صغيرة هنا أو هناك تحاول أن تستغل الناس وتوجههم في اتجاه خاطئ، وتوحي بأن المشاكل ناتجة عن الإسلاميين أو المتدينين، فلا بد أن يكون لنا جميعاً موقف من هؤلاء، وهذا ما لاحظناه في التظاهرات ذاتها». وقال الأمين العام لمنظمة «بدر»، هادي العامري، في كلمة له: «علينا ألاّ نسمح لأحد بالمسّ بالمرجعية وبالرموز الدينية، وعلينا أن نقف موقف عز وافتخار أمام المرجعية... ما نعيشه اليوم من حرية التظاهرات هو بفضلهم وبفضل دماء المقاتلين في جبهات القتال». واعتبر رئيس «التحالف الوطني» إبراهيم الجعفري إن الفساد تحوَّل إلى ثقافة في العراق ولا بد من ثورة لمحاربته، لافتاً إلى أهمية إصلاح القضاء. وأشاد بالتظاهرات الشعبية الحاشدة ووصفها بأنها «بشائر خير» تعبّر عن «إرادة المحرومين».