تتزايد نشاطات إدارة الأصول في سويسرا سنة بعد أخرى وكأن زمن الأزمات الماليّة انتهى. ولافت أن هذه النشاطات تتم سراً وعلناً من طريق شركات قابضة تتحرك كأشباح داخل أسواق المال بدعم من رؤوس أموال كبيرة. ولا شك في أن القوة الماليّة لصناديق إدارة الأصول السويسرية تزداد سنوياً بمعدل 1.3 تريليون دولار إلا أنها لم تعد تركز، كما في السابق، على شراء الشركات والمؤسسات لتعزيز عائداتها. ويسجّل الخبراء السويسريون تراجعاً في نشاطات الإندماج بين الشركات، منذ مطلع السنة. ويعزو المراقبون المحليون تراجع حركات التملك والدمج من جانب الشركات والمصارف المحلية إلى ثلاثة أسباب رئيسة. أولاً، عانت نشاطات ادارة الأصول السويسرية صدمات عدة تلقتها في الخارج على شكل عمليات غش مبرمجة أو مضاربات لم تأتِ لمصلحتها أو مفاجآت ماليّة أدت إلى نوع من التعثر المالي، ما جعلها تتردد كثيراً هذه السنة قبل القيام بأي خطوة خارجية. ثانياً، شكّل ملف المقاضاة القانونية التي فتحها القضاء الأميركي بحق أكبر المصارف في سويسرا ذريعة تحولت لتضحي خوفاً لدى رجال الأعمال السويسريين. ثالثاً، آلت سياسة مكافحة تبييض الأموال، التي قررت حكومة برن اعتمادها تدريجاً، إلى شلّ عمليات الدمج بين الشركات المحليّة أو بينها وبين أخرى دولية، خصوصاً في أوروبا وأميركا الشمالية، فنحو 20 في المئة من هذه العمليات تقف وراءه عمليات تبييض أموال بالبلايين من الدولارات. في ما يتعلق بالمصارف السويسرية، يُمكن القول أن إدارة أصول زبائنها لم تعد واسعة النطاق كما في السابق. جغرافياً، باتت هذه النشاطات المصرفية تتركز في مناطق محددة حول العالم. وتجني المصارف جزءاً من أرباحها من طريق ادارة أصول الزبائن. بيد أن هوامش الأرباح تقلصت في الأعوام الثلاثة الأخيرة، نتيجة ارتفاع الضرائب، ما حض المصارف على الإستفادة من ادارة الأصول في دول معينة، على رأسها آسيا، إلى أقصى الحدود بهدف تعويض الخسائر التي تكبدتها أخيراً. حالياً، يشهد مصرفا «يو بي اس» و «كريدي سويس» منافسة شرسة من مصرف «يوليوس بير» الذي يقود شراكة مع مصرف «ميريل لينش» لاستقطاب مزيد من الزبائن إلى نشاطات إدارة الأصول. علماً أن التحركات المصرفية السويسرية، الرامية إلى شراء شركات محليّة أو دولية، ستتراجع 20 في المئة و35 إلى 40 في المئة، في العام المقبل، ما يخوّل مصارف سويسرا لإدخار أكثر من 12 تريليون فرنك سويسري يُرجّح استخدامها في تطوير نشاطات إدارة أصول، في مناطق بعيدة جغرافياً قد تمتد إلى أميركا اللاتينية وبعض الدول الأفريقية الشمالية. ومقارنة بمصرفي «يو بي اس» و «كريديه سويس» اللذين يعرضان على الزبائن، الذين بحوزتهم ما لا يقل عن خمسة ملايين فرنك سويسري، برامج استثمارية مربحة نسبياً، لكافة الأطراف، يطرح مصرف «يوليوس بير» برامج أكثر فعالية على زبائن يمتكلون خمسة أضعاف أقل. ولافت أيضاً أن المردود المعروض من «يوليوس بير» على زبائنه يصل إلى أكثر من خمسة في المئة سنوياً قبل احتساب عمولة المصرف. أما المردود الذي يعرضه «يو بي اس» أو «كريدي سويس» فهو لا يتجاوز 3 في المئة سنوياً، ما يحض البعض على الإعتقاد بأن مصرف «يوليوس بير» يميل أكثر إلى ترتيب مضاربات ذكية في قطاع أذون الخزانة الأوروبية على عكس «يو بي اس» و «كريديه سويس» اللذين يفضلان التركيز على النشاطات الاستثمارية التقليدية في آسيا.