الولع ب«النادر» لا يعترف بالمخاطر، ويمضي المهتمون بالنوادر إلى أقصى نقطة يمكن بلوغها، من أجل ممارسة هواياتهم في تعقب كل ما يعد «فريداً». شبان وفتيات من جازان مولعون برصد أنواع من الطيور ومتابعة عاداتها، بعض هؤلاء يعتبر هذا الولع جزءاً من حياته، ودافع لخوض المغامرة تلو الأخرى، من أجل التعرف على هذه الطيور وتوثيق تفاصيل حياتها في لقطات نادرة بدورها، وشكل مجموعة من هؤلاء الشبان «قروباً» يجمع معظم المهتمين بالطيور في المملكة. وتقول الدكتورة المهتمة برصد الطيور ودرس سلوكها وتدوينها ضحى الهاشمي في كتب خاصة: «إن هوايتي في متابعة الطيور المهاجرة بدأت منذ أكثر من 15 عاماً في إحدى الحدائق العامة، إذ لفت انتباهي طائر الصرد (الدغناش القطبي)»، مشيرة إلى أن هذا الطائر كان على مدار ثلاثة أسابيع يتجه للموقع نفسه، ما دفعها إلى متابعته خلال فترة الهجرة، ومعرفة أوقات عودته. فيما يوضح الباحث في علم الطيور عبدالله السحيباني أن المملكة «معبر لآلاف الطيور، خلال مواسم هجرتها، نظراً لموقعها الاستراتيجي بين القارات الثلاث: أوروبا وآسيا وأفريقيا»، نافياً أن يكون للحروب أي تأثير في الهجرة. ويلفت الباحث عبدالله آل ملفي إلى أن هجرة الطيور بدأت منذ نحو شهر، وكان في مقدمها «الوروار الأوروبي»، معتبراً «الصرد» أندر الطيور المهاجرة قاطبة، ويتميز بتاجه الأسود، مشيراً إلى طائر الوقواق، بأنواعه مثل «الناسك» و«الراهب» و«الباشق الكستنائي»، وجميعها نوادر مهاجرة. وأشار آل ملفي الى أن أوروبا المواطن الأصلية لهذه الطيور، فيما موطن بعض الطيور آسيا، مضيفاً: «إنه في أيام الشتاء تهاجر هذه الطيور إلى أفريقيا بحثاً عن الدفء، فيما تفتش طيور أخرى عن المناخات المعتدلة». ويفيد المهتم برصد الطيور علي القرني أن هناك خبراء يزورون منطقة جازان أثناء مواسم الهجرة، لدرس الطيور وتأليف الكتب حولها، مشيراً إلى أن باحثين من الكويت والإمارات يقومون بزيارات إلى المنطقة، بهدف رصد ودراسة الطيور. وقال إنه تم «رصد نحو 70 نوعاً من الطيور في جازان، إضافة إلى 50 نوعاً في عسير، والرصد ما يزال جار لمعرفة المزيد من أنواع الطيور»، كاشفاً عن وجود سر الأوذن في المملكة، الذي يعتبر نادراً ومهدداً بالانقراض، مشيراً إلى أن آخر ما تم رصده طائر نادر يطلق عليه اسم «سمان الشجر» وهو صغير الحجم، ويوجد في منطقة جازان. وقال: «إن مصورين قلة فقط استطاعوا تصويره». ومن أجل تصوير دقيق للطيور، يقول المصور الفوتوغرافي في منطقة جازان معين الشريف: «أقوم بتأمين معدات لتصوير الطيور تقدر قيمتها بنحو 50 ألف ريال، لأتمكن من توثيق حياة الطيور بجودة عالية»، مشيراً إلى أنه يستمتع بهذه الهواية، وخصوصاً أنه عضو في مجموعة عرفت بحبها للطيور على مستوى المملكة، «وجميعهم يمثلون فريقاً واحداً، كل في ما يخصه للخروج بنتائج رائعة للحفاظ على هذا المخلوق الجميل والعجيب». ويطالب باحثون ومهتمون بحماية الطيور من الصيد وانتهاك حياتها، وإنزال العقوبات على من يعتدي عليها، «خصوصاً أن أنواعاً منها مهددة بالانقراض، ولا بد من حمايتها، لتتكاثر وتعود لطبيعتها».