كشف حلف شمال الاطلسي (ناتو) عن استراتيجية أمنية جديدة يجرى تطويرها وتنطلق من مفهوم شراكة تمتد فيه الأيادي الى المفكرين والصحافة والرأي العام في دول الحلف وخارجه. وأعلن نائب الأمين العام للحلف كلوديو بيسونيرو في «ورشة التعاون في اطار مبادرة اسطنبول» التي عقدت في قطر أمس: «أننا نريد أن يتجسد المفهوم الاستراتيجي الجديد في سياسات شاملة». وقال إن الحلف يقود مفاوضات بين دوله ال28 في سبيل بلورة «وثيقة جديدة ومفهوم استراتيجي جديد ستوافق عليه قمة «الناتو» في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل». وأكد بدء خطوات لبناء «استراتيجية جديدة» للأمن تستند الى السعي الى «شبكة شراكات بين الدول والشعوب» وتعزيز الشراكات في مناطق عدة. وقال المسؤول «الاطلسي» ان الحلف يطرح على شركائه في «مبادرة اسطنبول» فرصاً واسعة للتواصل، من بينها 600 فعالية مفتوحة للتعاون وتشمل مواجهة التطرف وأمن الطاقة وعدم انتشار الأسلحة النووية. وأكد الاهتمام بمساعدة افغانستان والعراق ليقف البلدان على قدميهما، وأيضاً مساعدة الصومال واليمن للحؤول دون انزلاقهما الى العنف، وشدد على الحرص للتأكد من أن تحدي ايران المجتمع الدولي لا يؤدي الى انتشار السلاح النووي ولا يؤثر في «هذه المنطقة الحساسة». ورأى كلوديو ان الارهاب والتطرف والانتشار النووي تشكل أبرز تحديات القرن الحالي. واقترح على شركاء مبادرة اسطنبول «برنامج التعاون الفردي» واعتبرها «اداة عملية» لتعزيز التعاون، مشيراً الى أن هناك «مجالاً للاستشارات السياسية مع دول «الناتو» لمناقشة القضايا الراهنة والتحديات الأمنية». وقال إن آذار (مارس) المقبل سيشهد نقاشاً مع أربع دول خليجية عضوة في مبادرة اسطنبول (قطر والامارات والبحرين والكويت) حول الاهتمامات المشتركة، وسيجرى نقاش غير رسمي مع السعودية وسلطنة عمان (لم تنضما الى الحلف) وشاركتا في اجتماع الدوحة أمس. وأعلن ان هناك مجالاً ثالثاً للتعاون يتمثل في تعاون متعدد الأبعاد يركز على التعاون الفردي مع «الناتو» (28+1) وهو نقاش سياسي. ووصف قطر بأنها «شريك مهم» وأن أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني هو أول رئيس (من المنطقة) يزور مقر الحلف، لافتاً الى حوار بروح بناءة بين قطر و «الناتو» حول قضايا عدة بينها حفظ السلام في افغانستان. وأثار مساعد رئيس الاركان القطري للعمليات والتخطيط والتدريب اللواء الركن غانم بن شاهين الغانم الموضوع الفلسطيني، وأكد أن «السبب الرئيس لاختلال الأمن والاستقرار في المنطقة هو الاخفاق في التوصل الى حل عادل للقضية الفلسطينية»، مشيراً الى أنه «اذا أضفنا الى القضية الفلسطينية الوضع الملتهب في العراق وأفغانستان وأزمة البرنامح النووي الايراني، يتبين لنا كماً من العمل الشاق ينبغي القيام به للوصول الى شرق أوسط هادئ ومستقر ومزدهر»، ودعت الدوحة الى انتهاج الحوار لحل المشاكل في المنطقة. ورحب نائب الأمين العام المساعد للشؤون السياسية في مجلس التعاون الخليجي خالد المرهون بالشراكة مع «الناتو» والمبنية على الاحترام والثقة المتبادلة. و لفت الى «الاشكالية الأمنية في فلسطين والتعنت الاسرائيلي»، كما تساءل عما اذا كان الحلف في اطار سعيه لتطوير الشراكة مع دول الخليج، سيضم فريقاً خليجياً الى فريق دولي يضم وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون لبلورة صورة متكاملة لميثاق متوقع. وأضاف سفير روسيا لدى قطر فلاديمير تيتوريمكو سخونة في أجواء الاجتماع، وقال إن «الناتو يسعى ليكون منظمة أمم متحدة جديدة وليس مطلوباً منه ذلك»، وشجب محاولات الحلف توسيع دوره الى الخليج واليمن والصومال اضافة الى أفغانستان. وقال السفير ل «الحياة» إن الحلف «كتلة توسعية»، مشيراً خلال مداخلته في الاجتماع الى أن «المشكلة في افغانستان ليست «طالبان» أو «القاعدة» بل المخدرات التي انتجت في افغانستان ولم تقم قوات الناتو بتدميرها». ورد مسؤولون في «الناتو» على الانتقادات الروسية بقولهم: «إننا نسعى الى شراكة مع دول الخليج ولا نفرض صياغات معينة، والناتو ليس عدواً لروسيا». وأثار متحدثون تساؤلات في شأن أهداف الشراكة التي يطرحها الحلف وهل تراعي خصوصية الدول الأخرى ورأى احدهم أن «الناتو عولمة للرؤية الأميركية - الأطلسية». كما بدا واضحاً سعي الحلف الى الاحتكام الى «أدوات جديدة في شأن عملياته والتدخل في أوقات الأزمات»، كما شدد مسؤولوه على التعاون مع دول الخليج حول أمن الطاقة وحماية بنيتها التحتية.