نفت الحكومة المقالة في قطاع غزة أن تكون قدمت اعتذاراً عن مقتل مدنيين إسرائيليين في تقريرها في شأن توصيات تقرير لجنة غولدستون التابعة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وكان نشر معلومات عن اعتذار قدمته الحكومة المقالة الى الأممالمتحدة اثار بلبلة، ودفع حركة «فتح» الى مطالبة «حماس» امس بالاعتذار من الشعب الفلسطيني عن مقتل المئات خلال سيطرتها على قطاع غزة عام 2007. وقال وزير العدل في الحكومة المقالة محمد فرج الغول في تصريح: «لم يكن هناك أي اعتذار، اذ تم تحميل المسؤولية للاحتلال الإسرائيلي في أي ادعاءات عن أي إصابات في صفوف المدنيين، لأنه هو الذي ارتكب العدوان ونفذ المحرقة»، في اشارة الى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي دامت 22 يوماً وانتهت في 18 كانون الثاني (يناير) 2009. وأضاف أن الحكومة المقالة وضعت بنداً واضحاً ضمن التقرير يقول إن «أي ادعاء بإصابة مدنيين اسرائيليين هذا يعوزه الدليل والإثبات، خصوصاً أن الاحتلال لا يسمح بأي لجان تحقيق مستقلة في هذه الأمور». واعتبرت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن «حماس» غيرت مواقفها من خلال «أسفها لمقتل مدنيين إسرائيليين» في هجمات صاروخية في ردها على تقرير غولدستون. وقال الناطق باسمها ييغال بالمور ان «حماس تباهت سنوات باستهدافها المتعمد للمدنيين، سواء من خلال تفجيرات انتحارية أو بالرصاص أو الصواريخ. من الذي يحاولون خداعه الآن؟». لكن الغول دعا إلى «التفريق بين موقف الحكومة وموقف حماس والمقاومة»، مشيراً الى أن «التقرير الذي تم تسليمه من الحكومة وليس من المقاومة». وشدد على تمسك الحكومة المقالة «بموقفها الثابت من المقاومة، وأنها حق مكفول ومشروع وفق القانون الدولي». واعتبر أنه «طالما كان هناك احتلال هناك مقاومة، وأن إطلاق الصواريخ كان في إطار مقاومة مشروعة، ودفاع عن النفس في وجه عدوان اسرائيلي غاشم». وقال المكتب الإعلامي في الحكومة المقالة إن «التقرير الذي رفعته (الحكومة) لا يتضمن أي اعتذارات في هذا الخصوص، وأنه جرى تفسير بعض الصياغات تفسيراً خاطئاً، خصوصاً أنه لم ترد إلينا حتى اللحظة أي ملاحظات من الأممالمتحدة في خصوص ما ورد في التقرير الذي رفعناه». وأضاف المكتب أن «أي ادعاءات صهيونية بإصابة أهداف مدنية يعوزه الإثبات والدليل، خصوصاً أن حكومة الاحتلال الصهيوني ترفض التعاون مع أي جهات حقوقية أو دولية للتحقيق في عدوانهم على غزة، ما يزيدنا تشكيكاً في كل روايات العدو الصهيوني الذي تعمد إصابة وقتل المدنيين الفلسطينيين في غزة واستخدامه أسلحة محرمة دولياً في قصف المدنيين والبيوت والمدارس والمساجد والمؤسسات الآهلة بالسكان والمؤسسات الدولية». بيان «فتح» في هذه الأثناء، قال بيان صادر باسم «فتح» وصلت الى وكالة «رويترز» نسخة منه: «أعرب الناطق باسم فتح أحمد عساف عن استغرابه من موقف حماس الذي تعتذر من خلاله لإسرائيل بسبب مقتل المدنيين الإسرائيليين في حين ترفض الاعتذار للشعب الفلسطيني على ما ارتكبته من جرائم بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة وقتلها المئات من أبناء فتح وجرح وإعاقة مئات آخرين خلال انقلابها الدموي في القطاع وبعده». ودعا عساف «حماس الى الاعتذار أولاً للشعب الفلسطيني عن انقلابها الذي أدى الى هذا الانقسام الخطير، وألحق أفدح الأضرار بالقضية الفلسطينية وأن تعتذر عما قامت به من جرائم بحق شعبها وبحق أبناء حركة فتح». وقال: «في الوقت الذي لا تتحدث حماس عن المصالحة وعن التوقيع على الورقة المصرية وترفض اعادة الوحدة للشعب والوطن الفلسطيني، فإنها تقدم نفسها اليوم وفي شكل مهين لإسرائيل وللمجتمع الدولي بهدف نيل اعترافه واعتراف اسرائيل بها كحماس على حساب الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية العادلة». وأضاف: «لطالما حذر الرئيس محمود عباس وحذرت القيادة الفلسطينية من صواريخ حماس العبثية ... ان حماس اليوم تعتذر عن تصرفاتها لإسرائيل وللمجتمع الدولي وبالتالي هي تعترف أن صواريخها وهذا النمط من المقاومة لن يخدم مصالح شعبنا ولن يقدمه خطوة واحدة من أهدافه وحقوقه الوطنية المشروعة». تقرير «حماس» الى الأممالمتحدة وأفاد تقرير سلم للأمم المتحدة الأسبوع الماضي وأعدته لجنة كلفتها «حماس» درس مزاعم الأممالمتحدة بارتكاب مقاتليها جرائم حرب: «نأسف لما يكون قد أصاب أي مدني اسرائيلي». وقال البيان الذي حصلت «رويترز» على نسخة منه: «نأمل بأن يتفهم المدنيون الإسرائيليون أن الاستهداف المستمر لنا من جانب حكومتهم هو الأساس ونقطة البداية». وأضاف: «ليكن معلوماً أن المقاومة الفلسطينية، على رغم أنها مقاومة منظمة، فهي ليست جيشاً يملك أسلحة متطورة تقنياً، اذ تستهدف المقاومة موقعاً عسكرياً أو مربض مدفعية، فتنحرف النار قليلاً أو كثيراً وتقع قرب موقع مدني رغم الاجتهاد الكبير لعدم وقوع اصابات في المدنيين». وسئل مسؤول من حركة «حماس» في غزة عما اذا كان الإعراب عن الاعتذار في التقرير المرسل الى الأممالمتحدة يمثل تغييراً في استراتيجية الحركة، فقال لوكالة «رويترز»: «لا يوجد تغيير في سياسة الحركة، وهذا يتضمن موقفنا من العمليات الاستشهادية». وقال مسؤول رفيع واحد على الأقل في «حماس» ان الحركة ما زالت مستعدة لتنفيذ «عمليات استشهادية». من جانبه، أعرب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في بيان أمس عن «قلقه البالغ في شأن صدقية التحقيقات التي تم إجراؤها من جانب السلطات الإسرائيلية، والسلطات الفلسطينية في رام اللهوغزة». ورأى المركز أن «هذه التحقيقات أخفقت في تطبيق المعايير الدولية الضرورية». وأشار إلى أن «الدول تصبح تحت طائلة المسؤولية على المستوى الدولي في حال فشلها في اتخاذ خطوات مناسبة لإجراء التحقيقات». وأعرب عن «دهشته إزاء الملاحظات التي أبداها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في تقويمه لنتائج هذه التحقيقات». وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة صوتت في الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) بالمصادقة على تقرير بعثة الأممالمتحدة لتقصي الحقائق في شأن العدوان الأخير على غزة (تقرير غولدستون) التي حققت في انتهاكات القانون الدولي التي ارتكبت أثناء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. ودعا القرار حكومة إسرائيل والفلسطينيين إلى «إجراء تحقيقات مستقلة موثوق بها تتفق مع المعايير الدولية في الانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان التي وردت في تقرير بعثة تقصي الحقائق، وذلك من أجل ضمان المحاسبة والعدالة». وانتهت أول من أمس مهلة الأشهر الثلاثة التي تم تحديدها كإطار زمني لإجراء التحقيقات.