الصغيرة تنتظر عودة والدها لتجتمع حول مائدة الطعام وتأكل... وأحياناً كثيرة كانت تنام جائعة لأن والدها لم يحضر... انتظرت عاماً دراسياً كاملاً حتى يصبح عمرها سبع سنوات وتسعة اشهر، فقبل عام لم تكن تتجاوز السابعة، وهذا يتنافى مع أنظمة وزارة التربية والتعليم لتتوه بين فريقين، فلا تنتمي إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء لتمتلك المقعد الأخير بكل جدارة، فهي اطول من في الفصل، وكل ما تفعله في طريق وصولها للمدرسة هو الانتظار طويلاً عند إشارة المرور في زحمة سير السيارات وقت الذروة، حتى الطائرات لم تسلم من وضعك تحت قائمة الانتظار. قد يصيبك ارتفاع في ضغط الدم وصداع من طول الانتظار فتفر ذاهباً لخدمة طوارئ المستشفى لتخفف آلامك بحبة أسبرين فيطاردك الانتظار هناك، وإن فكرت في صرف راتبك الشهري لدفع كلفة الكشف الطبي في أحد المستشفيات الأهلية، فعليك الانضمام الى طابور الانتظار في الصراف الآلي، وفي الحديث «من مات من دون وصية مات ميتة الجاهلية». ولأن مع «الجوال الحياة أسهل»، عليك عزيزي العميل الانتظار لأن جميع الموظفين مشغولون في خدمة عملاء آخرين، الرجاء الانتظار، جاري الانتظار، وبعد طول الانتظار عزيزي العميل نشكر لك اتصالك ونتطلع لخدمتك في وقت لاحق... تماماً كما هي الحال في انتظار الوظائف من ديوان الخدمة المدنية بعد أن يفتح باب التسجيل أسبوعاً كل عام، فإن كنت من المحظوظين مَنّ عليك الله بالتسجيل وكل ما عليك هو الانتظار عاماً تلو الآخر.وإن كنت تطمح إلى استكمال صعود السلم التعليمي، فعليك القتال لتظفر بمقعد من اصل خمسة مقاعد حُجِز اكثر من نصفها قبل حملك لشهادة الثانوية، وإن سئمتِ الانتظار اجلسي في محطة القطار وانتظري قطار الزواج، حتى لايفوتك قطار العمر. وكوني واثقة أنه إذا فاتك القطار فهذا لا يعني أنك وصلتِ متأخرة بل اجلسي وانتظري قطاراً آخر يمر. رزقت بعبدالله ومازلت انتظر عودته، وانتظر ابتسامته، وانتظر اتصاله... انتظرت... وانتظرت... وانتظرت حتى سئم الانتظار انتظاري فرحل، فاحتضنت الجوال ونمت!... وأنا لا أزال تحت الانتظار. mok.555@hotmail.com