تواجه الحكومة الليبية المعترف بها دولياً مستقبلاً غير واضح بعد إعلان رئيسها عبد الله الثني أنه سيستقيل، في حين جرت محادثات سلام في أجواء مشحونة لليوم الثاني على التوالي. ومن غير الواضح ما إذا كان الثني سيمضي في عزمه على الاستقالة التي قدمها على الهواء بانفعال أثناء مقابلة تلفزيونية ليل الثلثاء واجه خلالها وابلاً من الأسئلة المحرجة والغاضبة من مواطنين. لكن الناطق باسم الحكومة حاتم العريبي، قال أمس إن الثني «إذا طلب منه الشارع ذلك فسيستقيل، هذا كل ما في الأمر حتى الآن، لم تقدم الاستقالة، ولا أملك جواباً حول ما إذا كانت الاستقالة ستقدم (إلى البرلمان) الأحد». ومن شأن هذه الخطوة أن تضيف مزيداً من الفوضى السياسية في ليبيا، حيث تلتقي الفصائل المتناحرة لليوم الثاني في محادثات سلام ترعاها الأممالمتحدة في جنيف. وتعرض الثني للإحراج خلال المقابلة، مع إلقاء اللوم على حكومته لانعدام الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والوضع الأمني المقلق في المناطق التي تسيطر عليها. وقال: «إذا كان خروجنا هو الحل فأعلنها على الهواء، أنا أتقدم باستقالتي». وأضاف عبر برنامج «سجال» الذي تبثه قناة «ليبيا روحها الوطن» الموالية للحكومة: «يوم الأحد استقالتي مقدمة لمجلس النواب». ولم يتسن الحصول على تعليق من المسؤولين في الحكومة المعترف بها دولياً حول تصريحات الثني. وواجه رئيس الوزراء، الذي نجا من محاولة اغتيال في أيار (مايو) الماضي، عندما أطلق مسلحون النار على سيارته بعد اجتماع للبرلمان، اتهامات بالفساد وجهت الى حكومته خلال المقابلة التلفزيونية.وتنقسم السلطة في ليبيا بين حكومة وبرلمان يعترف بهما المجتمع الدولي ويعملان من شرق البلاد، وحكومة ومؤتمر وطني عام انتهت ولايته يديران العاصمة ومعظم مناطق غرب ليبيا. وفي 11 تموز (يوليو) الماضي، وقعت أطراف ليبية بينها البرلمان المعترف به، بالأحرف الأولى في منتجع الصخيرات في المغرب، اتفاق «سلام ومصالحة» يفتح الطريق أمام تشكيل حكومة وحدة وطنية، لكن ممثلي المؤتمر الوطني العام في طرابلس تغيبوا. ورفض المؤتمر توقيع اتفاق الصخيرات في انتظار مناقشة تعديلات يطالب بإدخالها عليه، فيما طالب تحالف «فجر ليبيا» المسلح الذي يسيطر على العاصمة منذ عام، بحوار داخل ليبيا من دون وساطة أجنبية وبدأت الفصائل المتنافسة جولة جديدة من محادثات السلام في جنيف الثلثاء، مع انضمام ممثلين عن برلمان طرابلس إلى المحادثات. وحض المبعوث الخاص للأمم المتحدة برناردينو ليون الفصائل على التوصل إلى اتفاق، أملاً بتشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على فرض وقف لإطلاق النار. ووضع ليون جدولاً زمنياً طموحاً، داعياً إلى اتفاق شامل يتم إبرامه قبل اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول (سبتمبر) المقبل، على رغم تحذيره من أن العملية ستكون صعبة. وصرح للصحافيين الثلثاء، بأنه كان يجتمع مع الطرفين كلٍّ على حدة، لكنه يأمل في أن يتمكن من جمعهما نهاية المطاف في غرفة واحدة. وقال: «أعتقد أنه سيكون من المهم جداً أن يجتمعوا معاً. لست متأكداً ما إذا كان ذلك سيحدث اليوم أو غداً، لكني حقاً أود أن أراهم جنباً إلى جنب في الأيام المقبلة». ومع ذلك، لن يوقع البرلمان المنتهية ولايته أي اتفاق يبقي على اللواء خليفة حفتر في منصب عسكري رفيع، وفقاً لمحمد علي عبد الله الضراط عضو برلمان طرابلس. وأضاف: «لن يكون هناك اتفاق إذا كان من المتوقع أن يبقى حفتر قائداً للجيش في ليبيا فأولئك الذين تورطوا في تصعيد الأزمة السياسية والعسكرية في ليبيا لا يمكن أن يتولوا التوصل إلى الحل». وقال ليون إن هناك حواراً منفصلاً مستمراً مع قادة الجيش والميليشيات ولكن التقدم على هذا المسار بطيء. وأضاف: «يجب أن يكون هناك مزيد من التقارب»، مؤكداً أنه من دون مشاركة هؤلاء الذين يقاتلون على الأرض، فإن أي صفقة سياسية لن تصمد. وأقر الضراط بأن الميليشيات المرتبطة بتنظيم «القاعدة» أو «داعش» ترفض أي حكومة وحدة، لكنه قال إن أفضل أمل لمحاربة التطرف سيكون من خلال سلطة مركزية واحدة معترف بها. وتابع: «هناك دائماً متطرفون وغيرهم ممن لا يريدون حلاً سياسياً»، مشيراً إلى أن «الحل هو تشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على مواجهتهم».