حين بدأت الطفلة روان سالم العزف على البيانو في سن الرابعة، متأثرة بصديق والدها، لم يتوقع أحد من أقربائها أن تستمر في العزف على البيانو لسنوات بعدها. تقول روان، وهي أصغر عازفة بيانو في جنوبالعراق وعمرها 13 سنة: «اخترت البيانو لأنه قريب من روح الإنسان ويعبّر عما أريد أن أقوله من دون أن أتحدث، ويتميز بصوت جميل وقوي». وتضيف: «كانت لدي رغبة الدراسة في مدرسة الموسيقى والباليه، لكن المشرفين عليها قالوا أن الأطفال ينتظمون في المدرسة منذ الصغر وليس في سني، إلا أنهم تراجعوا عن رأيهم بعدما سمعوا عزفي ووافقوا على انضمامي إليها. ولدي مشكلة بسيطة تتعلق بالسكن في بغداد، وحين يتم حلها سأدرس هناك». يفرض العرف الاجتماعي بعض القيود على سلوكها وحبها للموسيقى، ووالدتها التي طالما شجعتها في البداية باتت تخشى عليها اليوم من المجتمع وتطلب منها الكف عن العزف، لا سيما أن المنطقة التي تعيش فيها عائلة روان يطغى عليها الطابع المتشدد. موقف الأم يناقض تماماً موقف والدها الذي يصر على دعمها تحت جميع الظروف ويريد من روان أن تستمر في طموحها وإنجازها حتى النهاية. ويقول سالم حسين والد روان الذي يعمل مديراً ل «دار ثقافة الأطفال» في مدينة بابل وطالما شجعها على التواصل مع الموسيقى: «ليس من حقي أن أضع طموحاً بديلاً عن طموح ابنتي وليس عليّ سوى أن أقدم النصيحة، فأنا أشعر بحب ابنتي للناس وللآخرين وللموسيقى أيضاً. وأعلم أن الموسيقى تعبر عن حب الإنسان للحياة وابنتي مُحبة للحياة ولديها رغبة في التحدي والوصول إلى الهدف». وتوضح روان: «كان والدي معي منذ البداية وكان يشعر بأن في داخلي موهبة فنية إذ أدخلني في صفوف الرسم التي أُقيمت في دار ثقافة الأطفال في طفولتي المبكرة لكنني فشلت فيها، فزجني في صفوف الموسيقى. وهناك اكتشفت نفسي واكتشف هو أنني أتعلم بسرعة على النقيض من حصص الرسم». صقل عمل الطفلة الموهوبة في فرقة موسيقية في محافظة بابل موهبتها أكثر وجعلها معروفة لكثيرين من أبناء الوسط الفني والثقافي حتى باتت تسمع كلمات التشجيع من الموسيقيين والعازفين والمهتمين بالفن، وهي تحمل في نفسها طموحاً كبيراً في مجال الموسيقى وتسعى إلى تحقيقها على رغم التحديات التي تواجهها في مجتمعها المحافظ.