لاحظ قراء مقال «الدفء للرعاة» عدم التركيز على مسؤولية أصحاب «الحلال» - أي كفلاء رعاة الأغنام والإبل - تجاه العاملين لديهم، خصوصاً في أوقات الشدة مثل فصل الشتاء. والحقيقة أن ذكر السلبيات في باطنه إشارة للمهمل في مواجهتها، إذا كنا نرى شركات تعمل في المدن بجوار مكاتب وزارة العمل تماطل في دفع رواتب موظفين لديها لأشهر، من دون ردع يذكر من الجهات الرسمية، فماذا يمكن أن نتوقع من شخص عمالته في بقعة نائية مهما كان يملك من «الحلال». المسألة ليست عجز صاحب العمل عن الدفع بقدر ما هي إحساس بعض منهم بعدم وجود رادع، يظهر أنها مسألة تخص «إدارة التدفقات النقدية»! لا يقتصر الأمر على الأعمال البسيطة في الخدمات بل يصل الأمر إلى الطب. أرسلت طبيبة تشتكي من صاحب المستشفى تأخيره تسليم الرواتب أشهراً، وأذكر رسائل سابقة من هذا النوع، تتحدث عن رجال أعمال لهم أسماؤهم في السوق. مثل الإهمال لرعاة يعملون في مناطق نائية من دون توفير حاجاتهم، هناك مطل وتسويف في دفع الحقوق. الصديق طارق يشير ساخراً إلى أن من وسائل جذب العمالة ميزة «تسليم الرواتب في موعدها»!، حتى بعض العاملات في المنازل يتم تأخير رواتبهن، فهن «ماكلات... شاربات»، على قولة البعض تذرعاً بعدم حاجتهن للسيولة. أعلم أن الغالبية تخاف الله تعالى في هؤلاء، إنما المسألة بحاجة إلى ردع قانوني. هنا أرسل لي الأستاذ سعيد العمري إشارة إلى تجربة الإمارات مع «نظام حماية الأجور»، وهو نظام إلكتروني مربوط بالبنوك والشركات، بحيث تقتطع الرواتب في وقتها آلياً، النظام ما زال في مرحلة التطبيق يتوقع اكتماله منتصف هذا العام، ووجدت شرطاً مهماً فيه، العامل له حق الانتقال من صاحب العمل إذا تأخر دفع الراتب شهرين. ألا نستطيع أن نطبق نظاماً مثل هذا أو أفضل؟ بلى لو كان هناك من يهتم حقيقة الاهتمام بدلاً من دوامة اللجان. بقيت فئة منسية، إنهم العاملون في وظائف جانبية أو مسائية، يتعاقد هؤلاء مع مؤسسات وشركات للعمل خارج وظائفهم التي وفدوا لأجلها، ليتم - بحسب ذمة المنشأة استغلال جهودهم - مع ساتر أنهم ليسوا على كفالة المنشأة، مما لا يشجعهم على الشكوى، لذلك هم أفضل أنواع العمالة المتاحة في البلد للاستغلال. الغريب أن الإعلانات عن توافر وظائف لهم تنشر في الصحف، وإذا أردت تطبيق النظام فلابد أنك ستجد «هبرة» كبيرة. www.asuwayed.com