تعززت الحياة في قرية براد التاريخية شمال مدينة حلب، بعدما كانت تصنف من المدن المنسية والبالغ عددها في المنطقة الشمالية من سورية أكثر من 800 مدينة يعود تاريخها إلى الفترتين الرومانية والبيزنطينية. وتأتي الأهمية التاريخية لقرية براد من وجود مقر «مار مارون» التاريخي. وهي لا تزال بكنائسها وأديرتها تحكي قصة حضارات وشعوب مرت، قبل أن تترك إرثاً حضارياً للأجيال اللاحقة. وقال رئيس «شعبة التنقيب والدراسات الأثرية» في محافظة حلب يوسف كنجو ل «الحياة»: «يوجد مبان أثرية في هذه القرية لا تزال بارزة وهي بحالة جيدة من أهمها الحمام والمدفن اللذان يعودان إلى الفترة الرومانية، إضافة إلى مجموعة من الكنائس أهمها كنيستا «جوليانس» و «البازليك» من الفترة البيزنطينية». وتشير المصادر التاريخية إلى أن القديس مارون تنسك في هذه المنطقة وكان له أهمية دينية كبيرة. ولا يزال مدفنه في كنيسة «جوليانس» مقصداً للسياح السوريين. وفي القرية دير اثري يحوي على كنيسة ومكان لنوم الرهبان وبرج ومعصرة للزيت وآبار للمياه. وأوضح كنجو: «أن هذه المنطقة اشتهرت في الحقبة الرومانية والبيزنطية لأسباب من أهمها إنتاج العنب وتجارة الزيت لإنارة المصابيح». وتعمل السلطات المحلية حالياً على تطوير البنية التحتية في المنطقة بشق الطرق إلى الكنائس والأديرة وإقامة الساحات العامة لاستقبال الزوار قبل الاحتفال الكبير في التاسع من شباط (فبراير) الجاري، الذي يصادف مرور أكثر من ألف وستمئة سنة على ميلاد مار مارون. وقال المهندس في الخدمات الفنية في محافظة حلب علوان الصوا إن قرية براد حيث عاش مار مارون «باتت مقصداً يرتادها الزوار من لبنان وسورية، تقام فيها القداديس بعد بناء الكنيسة الموقتة»، لافتاً إلى أن محافظة حلب أعدت في الفترة الأخيرة مخططاً تنظيمياً للقرية ومسحاً طبوغرافياً. وأهّلت الطريق المؤدي إليها من حلب. وتشهد المنطقة المجاورة ل «براد» إقبالا من المستثمرين الذين يتهيأون لإقامة منشآت سياحية استعداداً لاستقبال اعداد الزوار المتزايدة الى المنطقة، بعدما تقرر بناء كنيسة دائمة لأبناء الطائفة المارونية في كل من لبنان وسورية ملاصقة لمدفن مار مارون. وقالت إحدى السيدات التي كانت برفقة عائلتها: «جئنا لرؤية الآثار وزيارة مدفن مار مارون، بعدما سمعنا بأنه كان يعيش هنا».