قد لا نكون مبالغين إن وصفنا سوق الحافة بأنها روح مدينة صلالة (جنوبمسقط) التي تجذب السياح والسكان على حدّ سواء، خصوصاً في موسم ما يسميه السكان الخريف الذي يبدأ في 21 حزيران (يونيو) ويدوم ثلاثة شهور. تقع سوق الحافة بجوار قصر الحصن، الذي يعدّ أهم القصور السلطانية وشهد بدايات التغيير وقيام النهضة العُمانية المعاصرة العام 1970، حينما تسلّم السلطان قابوس مقاليد الحكم من والده في انقلاب أبيض. كما تجاور السوق بحر العرب في امتداده مع المحيط الهندي. وفي «الخريف»، تضرب الأمواج الشارع الفاصل بين البحر والسوق، وتهطل الأمطار، فتتداخل المياه بالرذاذ الناعم على إيقاع صوت الموج. وتخضر الجبال والسهول وتنخفض درجة الحرارة إلى العشرينات. الأمر الذي يجعل صلالة مقصدا سياحياً عائلياً للمواطنين وجيرانهم من دول الخليج. ومن الجانب الآخر، تجاور سوق الحافة مزارع شاسعة تتميز بخضرة استثنائية تغزوها أشجار النارجيل (جوز الهند). وتستفيد هذه المنطقة الواقعة في محافظة ظفار المحاذية لليمن، من الطقس الاستوائي لتتميّز عن محافظات السلطنة بمناخها اللطيف الملائم لزراعة الفاكهة، على رغم وقوعها في الضفة الأخرى على امتدادات صحراء الربع الخالي. ومع تقاطع «خريف» صلالة مع شهر رمضان، تأخر السياح بالقدوم، فصارت سوق الحافة هادئة في النهار لتكتسب حركة أفضل مع حلول الليل، حيث تفوح منها رائحة البخور المنتشرة في محلات السوق الشعبية بانتظار الموسم الحقيقي مع وصول السياح في الأيام المقبلة. وتشتهر السوق بعشرات المحلات الصغيرة التي تبيع البخور واللبان المنتشرة أشجارها في المحافظة، وتتزيّن عتباتها ببائعات كبيرات في السن يصطففن بزيّهن التقليدي عارضات بضاعتهن، متحدثات بلكنة خاصة بالمنطقة التي يتحدث سكانها الأصليون لغة أخرى الى جانب العربية وهي الشحرية. صحيح أن من يزور هذه السوق تعلق في ذاكرته رائحة البخور واللبان، إلا أنها مليئة بكل ما لذّ وطاب من المنتوجات العُمانية والمنسوجات والأشغال اليدوية والعطور ودهن العود والورد والمسك. ولا بدّ لزائر عُمان، خصوصاً صلالة، من المرور بسوق الحافة لشراء التذكارات وعلب البخور واللبان، وتذوّق اللحم المشوي على الجمر والأطباق العُمانية.