رحّبت مصادر رسمية في الرباط بجهود الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الرامية إلى استئناف مفاوضات الصحراء في منتصف الشهر الجاري. وربطت بين توقيت دعوته على هامش قمة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا ومساعي عواصم أفريقية لحض الرباط على معاودة الانضمام الى الاتحاد الأفريقي. وقال مسؤول مغربي رفيع المستوى رفض كشف اسمه ل «الحياة» أمس إن مبدأ اللجوء إلى المفاوضات في حد ذاته يعني أن انضمام «الجمهورية الصحراوية» إلى الاتحاد الأفريقي لم يعد له معنًى، بخاصة في ضوء التزام الأممالمتحدة احترام تقرير المصير. غير أنه استدرك أن بلاده تتعاون مع الأممالمتحدة لإيجاد حل سياسي نهائي ذي طابع وفاقي، وليس مع الاتحاد الأفريقي، مذكّراً بأن المغرب انسحب من منظمة الوحدة الأفريقية في عام 1984 إثر اعترافها ب «الجمهورية الصحراوية» في وقت كانت فيه لجنة حكماء أفارقة بصدد البحث في تسوية سلمية للنزاع الصحراوي. إلى ذلك، ذكرت مصادر رسمية أن المغرب على استعداد كامل لأي جولة من المفاوضات، أكانت مصغّرة وغير رسمية، كما يرغب في ذلك الموفد الدولي كريستوفر روس، أو على شكل استئناف للجولة الخامسة من مفاوضات مانهاست التي عُلّقت منذ صيف 2008. لكنها رهنت ذلك بالانطلاق من نتائج الجولة الأخيرة، في إشارة إلى خلاصات الموفد الدولي السابق بيتر فان فالسوم التي وصف فيها البحث في استقلال إقليم الصحراء بأنه «خيار غير واقعي». وأردفت أن تلك الخلاصات أصبحت مرجعية أساسية في أي مفاوضات «ولا يمكن البدء من النقطة الصفر». وشدد وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري في رسالة إلى الأمين العام بان كي مون الأسبوع الماضي على أن دينامية المفاوضات انطلقت على خلفية اقتراح بلاده منح إقليم الصحراء حكماً ذاتياً موسعاً، مشيراً إلى أن مبادرة الرباط تشكل إطاراً ملائماً للمفاوضات. وانتقدت الرسالة مواقف كل من الجزائر وجبهة بوليساريو «الطرفين الآخرين اللذين ينتهجان أسلوب إعاقة المفاوضات». واعتبر مراقبون رسالة الوزير الفاسي تعكس موقف الرباط إزاء مسار المفاوضات التي تراوح مكانها، لا سيما أنها عرضت إلى تأثير الخلافات الجزائرية - المغربية في مسار المفاوضات. لكن «ديبلوماسية التعازي» التي سلكتها الرباط في محاولة فتح قنوات اتصال مع الجزائر بعد انتقال وفد رفيع المستوى لتقديم التعازي في وفاة الجنرال العربي بلخير، سفير الجزائر الراحل في الرباط، لم تثمر تحولاً في المواقف. وإن أبقت على خيط رفيع من الاتصالات. وقال ديبلوماسيون إن تزامن زيارة الوفد المغربي الجزائر وعقد قمة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا لم تسعف في معاودة الحوار المغربي - الجزائري، لا سيما أنها جاءت بعد يوم واحد من الرسالة الشديدة اللهجة التي وجهها رئيس الديبلوماسية المغربية الى الأمين العام للأمم المتحدة. وخلال المحادثات التي أجراها بان كي مون ومسؤولون مغاربة لاحتواء أزمة الناشطة أميناتو حيدر، دعا بان صراحة إلى استئناف الجولة الخامسة من مفاوضات مانهاست، فيما كان مبعوثه روس يعوّل على إجراء مشاورات مع الأطراف المعنية في منتصف الشهر الماضي، لكن ذلك لم يحدث. واعتبر المغرب في وقت سابق أن المفاوضات غير الرسمية التي رعاها روس في ضواحي فيينا صيف العام الماضي، لم تحمل جديداً في المواقف المتباعدة. فيما رأى بان كي مون المتفائل بإمكان إحراز التقدم أن تلك المفاوضات كانت «جد مجدية»، في إشارة الى كونها كسرت الجمود وأزاحت حواجز نفسية وسياسية. ورهن بان مسار المفاوضات بحدوث تطورات في المواقف، مؤكداً التزامه العمل «على تطوير النتائج مع الأطراف المعنية» ما يعني أن الأيام المقبلة ستعرف زخماً جديداً في الاتصالات التي يرعاها الموفد روس.