تنحّى الشعر قليلاً عن عرشه، في أمسية الشاعر محسن الزاهر، تاركاً حيزاً من الوقت ليعبّر النقد عما بدا له في قصائد الشاعر وتجربته الشعرية. وفيما كان النقاد من شعراء ومهتمين يتبارون في إظهار جوانب الخلل في القصائد والقوة، اكتفى الزاهر بالهدوء في رد فعله، واعداً بأخذ ملاحظاتهم في الاعتبار.واختار «ملتقى الوعد الثقافي» بدء موسمه الثقافي للعام الجديد، باستضافة الزاهر، في مدينة سيهات أخيراً، وقدّم الأمسية الشاعر حسين آل دهيم، الذي انتقى كلمات تشي بشاعرية الزاهر، إضافة إلى الاحتفاء به. ورأى أن «الشاعر يأتي نافضاً فكراً قديماً، ومرتدياً منتجات الحداثة بكل تجلياتها، وموظفاً مفرداتها ليطالعنا بنصّ أبعد ما يكون عن الاستكانة والجمود»، معتبراً نصوصه «تضج بالكثير من الصور المركبة المتعاقبة، وسط عناية بتوليد صيغ فنية صادمة، فهو ينحاز لمنطق الأشياء، ليؤكد أن لغة الشعر لغة انحياز وسفر دائم من حيث الجنوح لتفتيق المفردة وإظهار طاقاتها، حتى في تجاورها مع ضدها، لتستحيل لغة إرشادية موحية تحتمل التمدد وقابلة لتعدد القراءة». لم تفلح كلمة مقدم الأمسية في كبح جماح النقاد، الذين انتظروا من الشاعر قراءة نصوصه، التي اختار منها نصوص «سليني عن الذكريات»، و«تعالي معي»، و«حين تفكر»، و«خرافة الحب القديم»، و«رمل حكاياتي»، وغيرها من نصوص ديوانه «سأولد من رشفة ضوء»، الصادر عن دار فراديس للطباعة والنشر، ويعد الديوان أول ديوان ينشره الشاعر، كما قرأ من قصائد ديوانه المقبل «مطر البنفسج». وفيما لم يكن للزاهر ذنب في فن إلقاء القصائد، الذي أثار تعليقات من الحاضرين، مبررين أن «بعض القصائد تفقد رونقها وزخمها بسبب طريقة إلقائها»، رأى آخرون أن «الإلقاء لم يُفقد القصيدة شيئاً، وبخاصة أنها من تفرض وجودها بغض النظر عن طريقة إلقائها». وألمح الناقد محمد الخباز إلى «تلبس تجربة الشاعر معجم الطبيعة والحب، ما يجعلها تميل إلى الرومانسية، كما أن هذا الميل لا يلغي حداثتها أيضاً»، وجاءت ملاحظته الثانية، على رغم لجوء كثير من الشعراء إليها، في «عدم التنوع الإيقاعي في التجربة، وغلب على القصائد بحر واحد هو المتقارب»، معتبراً أن «هذا البحر على رغم إيقاعه الراقص والفرح، إلا أن الشاعر خانه إلقاؤه الحزين». وأضاف أن «وجود أخطاء إيقاعية يسيء إلى التجربة الشعرية الجمالية، التي وصلت إلى مرحلة يفترض فيها تجاوز مثل هذه الأخطاء». ووازن الشاعر حبيب محمود في طرحه، بين رؤيته «تجربة الشاعر الغنية وغزيرة الإنتاج، والمفعمة بالتعبير المباغت»، لكنه «يكتب نصوصاً طويلة تخرج عن حجمها الطبيعي، ما يجعلها غير ناضجة في بعض جوانبها»، مقترحاً على الشاعر «مزيداً من درس النص ومراجعته قبل اعتماده ونشره». وكما اتسم الزاهر بإلقاء هادئ لقصائده، اتسم رد فعله على مداخلات الحاضرين بهدوء، خاتماً أمسيته بتوقيع ديوانه «سأولد من رشفة ضوء»