توجه الناخبون في بوروندي صباح اليوم (الثلثاء)، إلى مراكز الاقتراع وسط أعمال عنف للمشاركة في انتخابات رئاسية من المتوقع أن يفوز فيها بيار نكورنزيزا بولاية ثالثة رغم التنديد الدولي وفرار الآلاف تخوفاً من أعمال العنف. وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها رسمياً عند الساعة 06:00 (04:00 بتوقيت غرينيتش) وستغلق عند الساعة 16:00 (13:00 بتوقيت غرينيتش). وسمع دوي انفجار وإطلاق نار صباح اليوم قبيل فتح مراكز الاقتراع للانتخابات الرئاسية في بوروندي في حي موساغا جنوب العاصمة بوجمبورا. وأفاد مسؤول من الشرطة رفض الكشف عن هويته أن شرطي قتل خلال الليل بانفجار قنبلة يدوية في حي موكاتورا. وأشار شهود عيان إلى مقتل مدني بالرصاص ليلاً في نياكابيغا شرق البلاد في ملابسات غامضة. وندد المستشار الرئيس للاتصالات للرئيس نكورونزيزا، ويلي نيامتموي ب «أعمال إرهابية» تهدف إلى «تخويف الناخبين». وقبل ساعات على فتح مراكز الاقتراع، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس، السلطات البوروندية الى «القيام بكل ما بوسعها عمله من أجل فرض الأمن وإجراء الانتخابات الرئاسية بشكل سلمي». ودعا بان «جميع الأطراف الى الامتناع عن القيام بأي نوع من أعمال العنف التي يمكن أن تزعزع استقرار بوروندي والمنطقة». وينتخب حوالى 3.8 مليون بوروندي اليوم رئيسهم في اقتراع تدينه المعارضة والمجتمع المدني اللذان يعتبران ولاية ثالثة للرئيس بيار نكورونزيزا مخالفة للدستور بينما اغرق ترشحه البلاد في اسوأ أزمة سياسية تشهدها منذ عشرة أعوام. وترى الأسرة الدولية أن الأوضاع الحالية تجعل من المستحيل تنظيم اقتراع يتمتع بالمصداقية، في ظل التظاهرات التي منعت أو قمعت بالرصاص الحقيقي في بعض الأحيان الى اسكات وسائل الإعلام الخاصة واضطرار الصحافيين للاختباء أو الفرار الى الخارج. الى ذلك تضاف أجواء الخوف والترهيب السائدة خصوصاً بسبب حركة الشباب في الحزب الحاكم «المجلس الوطني للدفاع عن الديموقراطية - قوات الدفاع عن الديموقراطية» التي تصفها الأممالمتحدة ب «الميليشيا». ولكن رغم هذه الأوضاع المتردية والعزلة المتزايدة وتهديدات جهات مانحة عدة بينها الاتحاد الأوروبي الشريك الرئيس للبلاد، ترفض السلطات البوروندية ارجاء الاقتراع من جديد بعد تأجيله مرتين متذرعة بخطر حدوث فراغ في المؤسسات مع انتهاء ولاية نكورونزيزا في 26 آب (أغسطس) المقبل. وقال كبير مستشاري الرئيس البوروندي لشؤون الاتصال في بروكسل ويلي نياميتوي، السبت الماضي للصحافيين «نفضل أزمة موازنة على أزمة مؤسساتية وأمنية». واغرق ترشح الرئيس نكورونزيزا للانتخابات منذ نهاية نيسان (أبريل) الماضي، البلاد في أزمة سياسية خطيرة تخللتها اعمال عنف اسفرت عن سقوط أكثر من ثمانين قتيلاً. وتواجه بوروندي البلد الأفريقي الصغير الواقع في منطقة البحريات الكبرى وشهد منذ استلاله سلسلة انقلابات ومجازر نجمت عن النزاعات بين الهوتو والتوتسي، صعوبة في ازالة آثار حرب أهلية طويلة. وافشلت الحكومة في منتصف أيار (مايو) الماضي، محاولة انقلاب عسكري وانهت بعد شهر على ذلك تظاهرات شبه يومية استمرت شهراً ونصف الشهر في بوجمبورا بقمع عنيف. الا انها تواجه سلسلة من الهجمات بقنابل يدوية إلى جانب معارك واشتباكات بين الجيش ومتمردين في شمال البلاد في المنطقة الحدودية مع رواندا. وبينما يصر كل من الجانبين على موقفه، يشعر المراقبون بالقلق من أن تفضي الأزمة إلى أعمال عنف على نطاق واسع. وكانت مجموعة الأزمات الدولية ذكرت في نهاية أيار الماضي، أن «كل عناصر نزاع مفتوح اجتمعت». وبعد الفوز الواسع للحزب الحاكم في الانتخابات التشريعية والبلدية التي جرت في 29 حزيران (يونيو) الماضي، وقاطعتها المعارضة، فرغت الانتخابات الرئاسية من كل رهان أيضاً. فلا شك في فوز نكورونزيزا لأنه لا يواجه سوى أربعة مرشحين جاؤوا من تشكيلات معروفة بتحالفها مع السلطة. ولم يسحب المعارض الرئيسي له اغاتون رواسا رسمياً ترشحه لكنه يقول إنه لم يقم بحملة ويعترض مسبقاً على شرعية الانتخابات طالبا تأجيلها. كما يرى أنه لا يحق لنكورونزيزا الترشح. أما المرشحون الثلاثة الآخرون الذين تسجلوا فهم جان ميناني رئيس الحزب المعارض فروديبو ورئيسا الدولة السابقان دوميسيان ندازيزيي وسيلفستر نتيبانتوغانيا وجميعهم يعترضون على ترشح الرئيس لولاية ثالثة. وأعلن جميع هؤلاء المرشحين انسحابهم من السابق معتبرين ان «المناخ السياسي والأمني الذي تنظم فيه الانتخابات لا يضمن طابعاً تعددياً وشاملاً وحراً وشفافاً للانتخابات». ووصف ليونس نجيداكومانا رئيس أكبر تحالف للمعارضة الأحد الماضي،هذه الانتخابات ب «الانقلاب الدستوري». وتبدد الأمل الضئيل في التهدئة الذي أثارته الأربعاء الماضي، وساطة الرئيس الاوغندي يويري موسيفيني بتكليف من مجموعة شرق أفريقيا وسمحت في دفع الجانبين الى الجلوس حول طاولة مفاوضات. واضطرت الوساطة لإرجاء الحوار في غياب المعسكر الرئاسي الذي لم يحضر عند استئناف المفاوضات غداة اجتماع صاخب. واتهمت الحكومة السبت الماضي، خصومها بأنهم «انقلابيون جميعاً» بينما تدين المعارضة والمجتمع المدني محاولة لكسب الوقت لتجنب مناقشة تأجيل الانتخابات الرئاسية. وصرح ديبلوماسي غربي أن «الحكومة لجأت الى القسر عبر استخدام مناورات تسويفية، سنجري انتخابات لا تتمتع بالصدقية مثل الانتخابات التشريعية، لان الظروف لا تسمح بذلك». لكنه توقع ان تفتح الحكومة «مجالاً للحوار بعد الانتخابات». أما الزعيم المعارض ميناني أكد أن الاقتراع لن يكون له اي قيمة. وقال إن المعارضة «موافقة على مواصلة» التفاوض بعد الاقتراع «للمطالبة بإعادة تنظيم هذه الانتخابات من دون نكورنزيزا».