بلغت حصيلة الاعتقالات الإسرائيلية في صفوف نشطاء النضال الشعبي السلمي ضد الاستيطان والجدار في الضفة الغربية الأسبوع الجاري اكثر من 60 معتقلاً، منهم 21 في قرية نعلين، و16 في قرية بلعين، و15 في قرية جيّوس، والآخرون في قرى المعصرة ودير الغصون ودير نظام. ويقول قادة الحركة الشعبية الفلسطينية الذين ينظمون تظاهرات سلمية اسبوعية احتجاجاً على الجدار والاستيطان إن السلطات الاسرائيلية بدأت أخيراً حملة «كسر عظم» ضدهم بهدف وقف نشاطاتهم التي تستقطب اهتماماً متزايداً محلياً ودولياً. وكانت التظاهرات الشعبية ذات الطابع السلمي بدأت في قرية بلعين شمال غرب رام الله لدى شروع اسرائيل في إقامة الجدار على اراضي القرية عام 2004، وامتدت منها الى عدد من القرى التي يتهددها الجدار والاستيطان. وشكلت هذه التظاهرات تحدياً قانونياً وسياسياً غير مسبوق للسلطات الإسرائيلية بسبب مشاركة أعداد من النشطاء الإسرائيليين والأجانب فيها، اذا وجد الجيش الإسرائيلي نفسه عاجزاً عن استخدام السلاح بحريته المعهودة في هذه التظاهرات خشية وقوع ضحايا من بين الإسرائيليين او الأجانب. ولجأت السلطات الإسرائيلية الى استخدام وسائل ضغط متنوعة لوقف هذه التظاهرات، منها استحداث أسلحة جديدة غير قاتلة لكنها ذات أثر كبير مثل المياه القذرة والرصاص الاسفنجي والأبواق التي تصدر اصواتاً شديدة والعصي الكهربائية وغيرها. لكنها لم تنجح في وقف هذه التظاهرات التي تحوَّلت الى عنصر استقطاب وطني واسع بعد قيام مسؤولين كبار، بينهم رئيس الحكومة سلام فياض وقادة الفصائل، بتنظيم زيارات دورية الى القرى التي تتصدر هذه الأنشطة، وتقديم الدعم السياسي والمادي الكبيرين لها. ويقول نشطاء اللجان الشعبية إن السلطات صعدت في الأشهر والأسابيع الأخيرة من حملتها عليهم بعد حدوث تحوُّلين مهمين: الاول هو لعب المتضامنين الأجانب دوراً متزايداً في بلدانهم ضد إسرائيل، ودخول القوى السياسية خصوصاً حركة «فتح» بقوة في هذه التظاهرات، وامتدادها الى مدينة القدس. وقال عضو اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار في قرية بلعين راتب ابو رحمة إن النشطاء الأجانب الذين يشاركون منذ ما يزيد عن خمس سنوات في التظاهرات السلمية الأسبوعية ضد الجدار والاستيطان تحولوا الى قوة كبيرة مناهضة لإسرائيل في بلدانهم، فأخذوا ينظمون أنشطة مقاطعة لإسرائيل وبضائعها ومؤسساتها الأكاديمية، ويضغطون على حكوماتهم لاتخاذ مواقف اكثر تشدداً حيال ممارساتها في الأراضي الفلسطينية. وأضاف أن السلطات الإسرائيلية اعتقلت في الأسابيع الأخيرة عشرات الشبان من ابناء القرى التي تشهد تظاهرات شعبية سلمية، من بينهم رئيس اللجنة الشعبية في بلعين عبدالله ابو رحمة. ومن بين المعتقلين منسق اللجنة الشعبية الوطنية ضد الجدار جمال جمعة الذي احتجزته السلطات الإسرائيلية أربعة اسابيع، اخضعته اثناءها للعزل والتحقيق القاسي، ووجهت اليه اتهامات بإجراء اتصالات مع من أسمتهم «منظمات ارهابية» خارجية. وقال جمعة إن السلطات الاسرائيلية تسعى الى اخراج العمل الشعبي السلمي عن القانون منعاً لامتداده وتوسعه، مضيفاً أن رجال الاستخبارات الإسرائيلية اعتقلوه بصورة قاسية وقيدوه امام اطفاله، وهددوا زوجته بأنها لن تراه، ووضعوه في زنزانة قذرة طيلة فترة التحقيق، وقدموا له طعاماً غير مناسب للاستهلاك الآدمي. وكانت اللجنة المركزية لحركة «فتح» قررت عشية حلول الذكرى الخامسة والأربعين لانطلاقتها مطلع الشهر المشاركة بصورة واسعة في التظاهرات الشعبية السلمية الأسبوعية ضد الجدار. وفي خطوة غير مسبوقة لدى الحركة، كلفت اللجنة المركزية اعضاءها توزيع انفسهم على القرى التي تشهد تظاهرات عقب صلاة الجمعة من كل اسبوع. وترافق ذلك مع مشاركة عدد من كبار موظفي مكتب الرئيس محمود عباس وقادة «فتح» في مدينة القدس في فعاليات شعبية ولقاءات سياسية في مدينة القدس هدفت الى استعادة النشاط السياسي المحظور للسلطة في المدينة منذ إغلاق «بيت الشرق»، مقر منظمة التحرير عام 2001. ويقول نشطاء العمل الشعبي إن المرحلة الراهنة هي الأصعب عليهم منذ بدء فعالياتهم قبل اكثر من خمس سنوات، لكن الاعتقالات لن توقفهم عن نشاطتهم. واوضح ابو رحمة: «العمل الشعبي يأخذ زخماً أكبر في هذه المرحلة، ففي كل اسبوع نرى تزايداً في اعداد المشاركين ونوعيتهم. اليوم يشارك قادة فتح وبقية فصائل منظمة التحرير، وأعداد المتضامين الأجانب والإسرائيليين تتزايد منذ خمس سنوات من دون توقف».