تغييرات عدة في تلفزيون فلسطين يلمسها المشاهد، فيشعر بشيء من جاذبية الأداء، بعد سنوات طويلة من الرتابة والتقليدية. ومع ذلك تظل هذه التغييرات شكلية، ولا تلامس مضامين ما يقدّم إلا قليلاً، إذ يلاحظ المتابع حاجة الشاشة الفلسطينية إلى نهضة شاملة تعيد تأسيس العلاقة مع مشاهدها بأدوات إخبارية وبرامجية من نوع آخر. أهم ما يمكن أن يهم في النهضة المأمولة توسيع دائرة الكتاب والمثقفين والمبدعين الذين تتعاون معهم إدارة تلفزيون فلسطين، وفتح باب التفاعل مع أسماء جديدة ممّن أثبتوا كفاءات ومواهب في حقول إبداعهم المختلفة. هنا بالذات نعتقد أن المسألة لا تتعلّق بالجانب المهني وحده، ولكن أيضاً بالانفتاح السياسي الشامل على مختلف القوى والتيارات والتلاوين. ذلك ان عبر مثل هذا الانفتاح يمكن استقطاب روح عمل جماعي يقوم على التعدد والتنوع بكل ما يعنيه ذلك من إثراء وتفاعل يستطيع دمج المشاهد العادي في اللّعبة الإعلامية. أهم ما يمكن أن نقوله في موضوع التلفزيون الفلسطيني هو حضور المراسلين في صورة أكبر وأكثر حيوية، خصوصاً ونحن نتحدث عن ساحة فلسطينية تعيش تحت الاحتلال، وتواجه كل يوم، بل كلّ لحظة احتمالات وقوع ما هو مهم ويتوجب تغطيته ونقله الى المشاهد في بيته. ذلك ممكن وقابل للتحقيق شرط توظيف مزيد من ذوي الكفاءات في مختلف مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة، والقادرين على تزويد التلفزيون بأخبار ووقائع وأحداث ونشاطات مختلف القطاعات الفلسطينية. من المهم أيضاً أن تنتبه إدارة تلفزيون فلسطين لأهمية الدراما التلفزيونية، والدور الذي يمكنها أن تلعبه في تنشيط الإنتاج عبر تعاون حقيقي مع القطاع الخاص، والاستفادة من المواهب السينمائية والتلفزيونية الموجودة، والقادرة على إحداث نقلة نوعية في الدراما الفلسطينية. هنا بالذات يمكن التغيير المنشود أن يكون رافعة تخلق علاقة حيوية مع المشاهدين وبالذات في بلدان الشتات العربية وغير العربية. نقول ذلك كي يستكمل التلفزيون الفلسطيني تغييراته الشكلية بأخرى جوهرية تطاول المضمون وتجدّده، وتمنح البث حيوية وجماليات أخرى في زمن تلفزيوني أساسه التنافس الموضوعي.