السليمانية - أ ف ب - كشف مسؤولون في اقليم كردستان (شمال العراق) عن تصاعد أعمال العنف ضد النساء وسط تعقيدات اجتماعية تزداد مع اتساع نطاق تكنولوجيا الاتصالات، في حين يقترح برلمانيون قوانين تتضمن عقوبات للحد من هذ الظاهرة. وينتشر العنف الاسري في المناطق الكردية بحيث أصبح تسجيل حالات ارتكاب أعمال عنف مختلفة بحق الزوجات والشقيقات أمراً يومياً. وتؤكد احصائيات مديرية متابعة العنف ضد النساء التابعة لوزارة الداخلية في الاقليم ان مؤشر العنف ضد المرأة في تصاعد. وهذه الهيئة مختصة بتوثيق وتسجيل حالات العنف ضد النساء وايواء من يتعرض منهن للضرب أو أي نوع آخر من أعمال العنف. من جهته، عزا المسؤول عن مديرية متابعة العنف ضد النساء في محافظة السليمانية المقدم سركوت عمر سبب تعرض النساء للعنف الى «الحالة الاقتصادية التي تعاني منها المرأة الكردية وعدم تمتعها بمدخول خاص والاعتماد على زوجها للعيش». واضاف ان «دور التقنيات الحديثة واضح في التسبب بوقوع حالات عنف ضد النساء». بدورها، تكشف احصائيات مديرية الشرطة في الاقليم ان «العنف ضد المرأة في تصاعد بحيث بلغ عدد الحالات التي سجلتها مراكز الشرطة 1079 حالة، مقارنة مع 715 حالة عام 2008». وتشير الارقام الى تراجع أعداد النساء اللواتي يتعرضن للقتل «فقد قضت عشرون امرأة عام 2008 بتهمة غسل العار في حين انخفض العدد الى 17 حالة قتل عام 2009». لكن «حالات الانتحار حرقاً ارتفعت من 119 عام 2008 الى 245 العام الماضي». وآخر حالات الانتحار كانت قبل أيام في ناحية شوان الواقعة بين كركوك والسليمانية (50 كم شمال كركوك). وقال مدير الشرطة في الناحية تحسين درويش ان خلافاً نشب بين رجل وزوجته حول مشاهدة برنامج تلفزيوني تطور الى شجار أدى الى انتحار الزوجة، وهي أم لسبعة أطفال. وأوضح درويش ان «الزوج اعتدى على الزوجة وأطفاله السبعة بالضرب بعد خلاف حول مشاهدة التلفزيون فسارعت الزوجة الى اطلاق النار على نفسها من مسدس داخل غرفتها وفارقت الحياة على الفور». واضاف انه «تم اعتقال الزوج بتهمة التحريض على القتل وسيحال الى القضاء لمحاكمته». بدورها، شددت رئيسة «الكتلة الكردستانية» في برلمان الاقليم على «ضرورة سن قانون خاص للحد من ظاهرة العنف ضد النساء». وقالت سوزان شهاب: «نحتاج الى سن قانون خاص والى عدد من الموظفين الاجتماعيين للعمل على حالات العنف والحد من تفاقمها وتحديد دوافع وأسباب حدوثها». واضافت: «كان الحديث عن العنف الاسري المرتكب بحق المرأة من المحرمات في السابق لكن الآن بامكان وسائل الاعلام تناوله بسهولة، الامر الذي لفت الانتباه الى الظاهرة في السنوات الاخيرة». وعزت شهاب أسباب تنامي حالات العنف الى التقنيات الحديثة قائلة: «الآن بامكان النساء توعية أنفسهن والاستفادة من التقنيات الحديثة، لكن الرجال لا يقبلون الواقع الجديد وتؤدي هذه الاشكالية الى وقوع مزيد من حالات العنف». واعتبرت ان «الخلفية الثقافية لدى الرجال في كردستان لا تشجع على قبول التغييرات التي طرأت على مستوى تفكير المراة ووعيها في ظل تنامي دور التكنولوجيا». من جانبها، أعلنت كويستان محمد رئيسة «كتلة التغيير» المعارضة (25 مقعداً) عن إعداد مشروع قانون لمواجهة العنف ضد المرأة سيرفع الى البرلمان لمناقشته واقراره خلال الفصل التشريعي المقبل. وقالت: «من المقرر أن يبدأ البرلمان مناقشة مشروع أعدته لجنة الدفاع عن حقوق المراة في آذار (مارس) المقبل (...) فصدور القانون يحد من حالات العنف ضد النساء كونه يشمل الشتم والضرب والختان والقتل بدافع الشرف». واضافت ان مشروع القانون يلحظ عقوبات «تبدأ من السجن مدة ثلاثة أشهر لمن يعتدي بالضرب على المرأة، والسجن مدة سنة لمن يضرب زوجته بشكل يترك آثاراً على جسدها والسجن ثلاث سنوات لمن يكون السبب باصابة زوجته بالمرض والعقد النفسية». وتابعت محمد ان «التحريض على القتل عقوبته بين 10 الى 15 سنة وكذلك لمن تمارس ختان الاناث». يشار الى ان ثلثي الفتيات تقريباً في الاقليم يتعرضن للختان، وفقاً لاحصائيات منظمات أهلية. أما بروا علي، الناشطة في مجال حقوق النساء (45 عاماً) فإنها تفضل الحد من ظاهرة العنف عبر توعية الرجال بمخاطر ذلك «فالتوعية الاسرية والاجتماعية لها دور جدي في محاولات الحد من العنف». واعتبرت ان «من غير المعقول التستر على الجرائم المرتكبة في حق النساء بحجة الحفاظ على الاسرار المنزلية. لذا، من واجب برلمان كردستان سن قانون لمعالجة الامر». من جهتها، قالت مديرة موقع «كردستان اون لاين» الالكتروني جيمن صالح، ان العنف أصبح ظاهرة في اقليم كردستان العراق «سببها الموروث الاجتماعي والثقافي وتأثير الافكار الدينية».