نجح مهرجان جازان الشتوي، في محاكاة الماضي بما فيه من عادات وتقاليد ونقلها للجيل الحالي، من خلال عرض عادات وتقاليد الزواج في المنطقة في لوحة جمالية فريدة، حيث لا تزال معظم الأسر تتمسك بهذه العادات رغم التغييرات التي طرأت في الأنماط الحياتية المتسارعة نتيجة المدنية الحديثة التي طغت على كل ما هو قديم عموماً. وخصص المهرجان مساحة واسعة بين أجنحته لعادات الزواج قديماً، وهو ما جذب العديد من الزوار من داخل المنطقة وخارجها خصوصاً من جيل الشباب الذي ابتعد عنها قليلاً فيما يبدو، وهنا أوضحت المواطنة أم فهد، أن الكثير من الأسر لا زالت تحافظ على عادات الزواج القديمة رغم اختلاف الزمن بما يحمله من معان متعددة، فيما ترى أم رامي، أن عادات وتقاليد الفرح لم تتغير كثيراً منذ 30 عاماً في منطقة جازان إلا في بعض تفاصيله، إذا يمتد الفرح إلى عدة أيام ومثل وتعرف بيوم «التنشير» «الحناء»، «ليلة الحمل»، «المقيل»، «ليلة الدخلة» أو «الزفة»، يوم «النقول» وهو اليوم أو الليلة التي تنقل فيها العروس من بيت أهلها إلى بيت الزوجية. وبما أن منطقة جازان تحافظ على أصالتها وعراقتها، حرص منظمو المهرجان، على مشاركة الحرفيين في الحدث الكبير دعماً منهم لهذا الموروث الشعبي والحفاظ عليه، حيث خصص جناح متميز بهدف عرض ما ليدهم من مهارات حرفية وصناعية ذات الدلالات الشعبية أمام زوار المعرض من الصغار والكبار للتعرف عليه عن قرب، ومن تلك الحرف التي لا تزال مشهورة في المنطقة صناعة الحلوى البلدي، التي يشرف على تحضيرها شباب سعوديون من أبناء المنطقة وتقديمها للزوار طازجة بأسعار زهيدة وفي متناول الجميع. وهنا أوضح ل «عكاظ» الشاب فهد علي، وهو صاحب محل صناعة الحلوى، أنه ورث الصنعة من والده الذي هو الآخر ورثها عن جده، وأضاف: «أجد في مهنتي متعة كبيرة، وفي نفس الوقت لها مردود مادي كبير، باعتبار أن الحلوى البلدي لا تزال هي المتصدرة في المنطقة وتنافس المستوردة، والإقبال عليها كبير من الزوار، وعن أنواعها قال: هناك «المشبك»، «الزنبطية»، «الحلقوم» و «الهريسة» فضلاً عن أنواع أخرى متعددة. وفي جانب آخر من مجال الصناعات الحرفية، استعرض الحرفي محمد جابر، طريقة صناعة المقاعد الخشبية أو ما يسمى ب «القعد» والمتمثل في كراسي خشبية تصنع من الخشب المنقوش، الطفي أو الدوم الذي يصنع منه الحبال، وهي مقاعد تستخدم للجلوس أو النوم، وتضفي على الشخص الراحة النفسية على حد قوله، وأضاف جابر: هناك إقبال كبير من زوار المعرض على هذه الصناعات، حيث يفضلها البعض في المجالس الكبيرة وخاصة مجالس الشيوخ وكبار القرية وتعد موروثا قديما ولا تزال العديد من الأسر تحافظ عليه كأصالة الماضي ومستقبل الأجيال المقبلة. وصناعة زيت السمسم كانت حاضرة ضمن عروض الحرفيين في المهرجان الشتوي الحالي، وهنا بين الحرفي طاهر يوسف، أن جناحه شهد إقبالا كبيراً من الزوار، وقال: «زيوت السمسم المحضر بالطرق البدائية يعد من الزيوت المفضلة لدى أبناء المنطقة باعتباره خاليا من المواد الحافظة وطبيعيا وله مذاق شهي ويستخدم في المأكولات الشعبية كالأسماك واللحوم الحلبة وأيضاً في صناعة الحلويات الشعبية. وشارك في المهرجان، حرفيون في صناعة السيوف والخناجر القديمة «الجنابي»، والأواني الفخارية كالمغشات والحواسي والزير والطاولة الحجرية، صناعة الطواقي، وجميع الحرف اليدوية القديمة لها رواج في المهرجان وأقبل الكثير من الزوار لمشاهدة طريقة صناعتها وخاصة كبار السن والشباب.