عندما تكون غريبا في أرضك ، ومكبلاً بقيود صاغها صناع صنعوها ، لتتلاءم مع متطلبات التنمية الحضارية التي تشهدها مختلف مناطق المملكة ، فقاسوها على مقياس مدن واسعة ،سهلت التضاريس ، وسهلت التطوير، وقابلة لإنجاز مدن نموذجية تتوفر فيها عناصر التمدن والتحضر، وتسهم في إسعاد المواطن الغالي ، ينتابك احتقار لنفسك وذِلة لا تجد لها تفسيراً يخفف عنك تلك المشاعر السلبية ، حينما تحرم من تلك المشاريع والمخططات التي تبنيها الدولة ، ولا تحظى كغيرك بمنحة تشعرك بانتمائك لوطنك وبأنك مواطن لا تقل أهمية عن مواطن مدينة الرياض أو جدة أو غيرها من المدن الكبيرة ..!! كلما سبق ينطبق تماماً على أبناء محافظة الدائر وما حولها والقابعة في أقصى نقطة من جنوب مملكتنا الغالية مع حدودنا مع الجمهورية اليمنية ، والذين يتغنون ويفتخرون بصدق انتمائهم لوطنهم وولائهم لولاة الأمر في مملكتنا الغالية ، وليس غريبا ولا مستغرباً تلك المشاعر الصادقة فقد قطع مشائخ وأعيان وأهالي هذه المحافظة على أنفسهم وعمن يمثلونهم البيعة والعهد بالسمع والطاعة في المكره والمنشط لحكام هذه الدولة منذ قيامها وحتى يومنا هذا ، ونحن لا نساوم على تلك المبادئ والقناعات ولا نتنصل منها ولا نقبل ولا نسمح لكائن من كان أن يشكك فيها ، أو يستغلها لإيغار صدورنا على دولتنا وحكامنا الذين يحلون في سويداء قلوبنا . وبقدر ما نجد في أنفسنا من المرارة والألم فما زلنا ننتظر بصيص من الأمل الذي يلوح في الأفق ، ويبشر بكشف الغيم ، ورفع الضيم ، وتقييم الوضع وإعادة صياغة ذلك النظام بما يتناسب مع خصائص وتضاريس مختلف مناطق المملكة ومنها محافظتنا الغالية .. ففي عام 1387 ه تقريباً تم تشريع نظام يمنع إحياء الأراضي الغير محياه قبل ذلك التاريخ ، والأمر لأمانات المدن بالشروع فوراً في إنشاء المخططات السكنية وتوصيل جميع الخدمات لها ومن ثم توزيعها كمنح من الدولة لأبنائها المواطنين ، وقد باشرت الأمانات عملها ومنحت الأراضي في كثير من مناطق المملكة ، واستفاد منها معظم المواطنون إلا أبناء محافظة الدائر لم ينل أحد منهم أي منحة في محافظتنا فكان هذا القرار مجحفا في حقنا وحرمنا طيلة السنوات الماضية من مواكبة النهضة العمرانية وأجدبت أراضينا ، وهاجر كثير من أهلنا للمدن لينعموا بوسائل الراحة وتملك بيت العمر الذي لم يستطيعوا بناءه على أرض الآباء والأجداد .. وكأني أراهم عند عودتهم لزيارة أهلهم والقابعون تحت (العرُش ) وهم يستضيئون بما صنعته أيديهم من الأحجار المنحوتة وملئها بالزيت لإنارتها وكأنهم يقفوا على الأطلال وما تهوى أنفسهم، وأعينهم تفيض من دموع المفارق لأرضه وأهله ..!! يا لها من حسرة تلف أبناء محافظتنا ، وغصة تقف في مجرى حناجرهم ، ودمعة معلقة وسط مآقيهم ،وحسرة يعانقها الألم المرير حينما يحرمون من إحياء أرض الاباء والأجداد ، بل ويحرمون من المنح أسوة بأبناء هذا الوطن الغالي ..!! فلا أرض ممنوحة ولا صكوك لما يملكون ..!! الى من يهمه الأمر في محافظتنا .. كم نحبكم فالله ، وكم نقدر جهودكم ، ولكننا في المقابل لنا عليكم عتب وهو عتب المحب بلا شك ، فالأمر لله من قبل ومن بعد ثم لكم ، فلنا أمل أن تقتطِعوا من وقتكم الثمين ما يسهم في إيجاد حلول جذرية في إنهاء معاناة أبناء محافظتكم المحرومة ..!! فأي ذنب اقترفناه لكي نحرم من أبسط حقوقنا ؟؟!! وأين نذهب لنحظى بأرض أو منحة من حكومتنا الرشيدة ؟؟!! فإن كانت البلدية عاجزة عن تخطيط الأراضي وتطويرها وتوزيعها علينا فما المانع من الاعتراف بذلك وفسح المجال للمواطن لتخطيط أرضه ولو كلفه ذلك مبالغ مالية ضخمة ، هي أهون عليه من الحرمان ، وعدم تكبيله بشروط تعجيزية كشرط وجود شارع بعرض 20 مترا ، وهل تقبل هذه الجبال الصلدة أن يكسر كبرياؤها وتشقق لتكون أراضيَّ وشوارع ..؟؟!! والأدهى والأمر من كلف نفسه بعد ممارسة حاجته الملحة لبيتٍ ضغوطاً قهرية في ستر أهل بيته في منزل يحتويهم ويمنع عنهم ظروف الزمان وتقلباته ، فلا يكادُ ينتهي من بناء منزله بعد أن نحته وسط جرف كلفه تحويشة العمر كلها ، واستزاد وتسلف واقترض من البنوك التي لا ترحم ، فيصدم بأنه مطالب بهجره وتركه للمجهولين والمهربين والمخربين والقردة وكل من هب ودب ، والسبب عدم تمكنه من إدخال الكهرباء شريان الحياة ، كالماء الذي لا يجوز منعه من أحد فالناس فيه شركاء ، بسبب تعنت شركة الكهرباء بالإيعاز من المحافظة والبلدية ..!! بالمجمل : شبابنا يأملون في قطعة أرض من أراضيهم يبنوا عليها بيوتا لأنفسهم ويكوِّنوا فيها أسرة سعيدة ومطمئنة ، ويستغنوا عن العُرُش المغطاة بالأشرعة ، والهناجر القائمة على الخشب ، فيحتفظوا بكرامتهم ، ويسلم كبرياؤهم من مذلة التسول على أصحاب الشقق ، فينشأ بسبب حرمانهم وتهميش مطالبهم جيل مكسور ومضطرب على مستقبله ومستقبل أسرته .. في أمان الله يا محافظتي العزيزة ونلتقي بإذن الله بعد أن يُستمع ل ( لصرخاتك ) ويلتفت (لمعاناة أبنائك ) من قبل مسؤولي المحافظة ممن تحملوا أمانتك وعاهدوا الله على ذلك ..!! ( جميع التعليقات على المقالات والأخبار والردود المطروحة لا تعبر عن رأي ( صحيفة الداير الإلكترونية | داير) بل تعبر عن وجهة نظر كاتبها، ولإدارة الصحيفة حذف أو تعديل أي تعليق مخالف)