مات رجل رحمه الله، *مات مدرس رحمه الله كذلك ، الناس يموتون كل يوم ، ولكن عندما نقول مات رجل او مدرس ثم نذكر اسما له وزن جبل فيفا وأكثر فنحن ننعى الأستاذ حسن فرح الفيفي ، *إن سدود الأودية المتحدرة من العيون لا تقوى على الصمود ، وسرادقات التصبر تطوح بها رياح الفقد ، ولكني لا أعرفه!! ، لم ألتق به يوما ، وهنا لب المشكلة هنا الحزن هنا الألم. كثيرا ما تأخذني التساؤلات البريئة وغير البريئة في تأمل دقيق لحالات الحزن المنطلقة من نشرة الأحوال المشاعرية العاقبة لأي فقيد ، هل حزننا على الفقيد - أي فقيد - لذاته ، أم على أنفسنا بعده، أما الأول فهو يصدر منا لكل متوفى تقريبا فنحن نحزن حزنا مقدرا على ذات الفقيد لذاته ، ولكن الثاني هو مربط الفرس فنحن نحزن على أنفسنا بعده ، سنفقد الحنان كأبناء والبر والزينة كأباء ، وسنفقد المحبة والرحمة كأزواج ، وسنفقد العلم بفقد العالم، ونفقد الأدب بموت الأديب ، إذن فحزننا يتمحور حول أنفسنا وذواتنا نحن لا ذات الفقيد ، وكلما كنا أشد حاجة لذلك المتوفى كان حزننا عليه أكبر لذا فقد تحمس الاعرابي وقال عن كريم كان ينوله ويمد غيره ( لعمرك مالرزية فقد مال .. ولا شاة تموت ولا بعير .. ولكن الرزية فقد حر ... يموت بموته خلق كثير ) ونلاحظ من تعداده للأمور التي لا يعد فقدها رزية *أنه يركز على قيمة المال بشكل أساسي وأنه فقد عطاء ذلك الحر فكان حزنه على فراق العطاء لا ذات الحر المعطي وحسب.* ومن هنا كان حزني وألمي على فقيد الأدب والتربية والعلم والقوة في الحق ، على الاستاذ حسن بن فرح رحمه الله ، كان حزني نابعا من ذاتي على ذاتي ، لقد حزنت أنني لم اتعرف على ذلك الاستاذ الكبير والأديب الرفيع ، حزنت بالفعل فلن أجد رجلا يحمل رأسه وعقله وشعره وأدبه وتجربته ، وقد كنت غافلا عن الزيارة الواجبة في سبيل العلم له ، تخيلوا عندما يسألني القريب والبعيد عن الشاعر حسن فرح ، عن المربي حسن فرح ، عن الكبير حسن فرح ، ماذا أقول له ؟! هل أصارحه أن المسافة بين بيتي وبيته لا تتعدى الأربعين كيلو مترا ، ولكني لم أزره يوما واحدا ولا ساعة واحدة ولا دقيقة واحدة ، لم أترصد له على باب المسجد لأسأله ، ولم أهاتفه أو أرسل له رسالة يجبني فيها عن كثير من المواضيع التي شغلتني وكنت أحسب الإجابة عنده. *إننا نفوت العظماء وعظمتهم ، والعلماء وعلمهم ، والمجربين وتجربتهم ، من منطلق التسويف المزمن والإهمال العضال ، وربما من منطلق كبر المعرفة والاستغناء عن كبار السن. *تأكد ايها الأخ المنتفخ بجوار عمك وعمي ( قوقل) أن (قوقل) لم يجرب تجربة أولئك الرجال ، لم تمسه مسغبة وهو يسير نحو المدرسة اعني قوقل ، و لم يمسك عصاه ليهوي بها على أيدي الطلاب الذين يحبهم ويشفق عليهم ، يهوي بها على يد هي قطعة من قلبه ليزيد من علوها ، قبل أن ترفع الوزارة تلك العصا ليرتفع معها بعض التربية ،( قوقل) يا أخي الحبيب راو حافظ ولكنه ليس مجربا وليست له مشاعر ولا أحاسيس ولا يغضب ولا يرضى ولا شيء ، قوقل يا عزيزي ليس انسانا وهذا يكفي. *فهيا بنا نشمر عن ساعدي الجد ونلحق بمن بقي على قيد الحياة *من كبارنا، ونتعلم منه خلاصة تجربته، *ونتائج تأملاته ، ونوادر ملحه وطرائفه.* بادرت لقلمي وصحيفتي بعد أن تخطفت سمعي صاعقة الخبر ، (توفي الأديب الشاعر حسن فرح الفيفي) ، *أتدرون لماذا بادرت لها؟! بادرت لأكتب أبيات رثاء في سيد الأبيات ، وأكتب الشعر في نبع الشعر ، ثم ماذا ؟! لا شيء ، إنما آب إلي عقلي وعدت إلى رشدي ، ودمعت عيني وكسرت القلم ومزقت القرطاس. *ما كان لي أن أكتب شعرا ركيكا في شاعر كان يصحح الشعر ويقومه حياته كلها، أبعد أن توفي آتيه بركيك الشعر ولا يرد ،هل يُرثى ولد الشاعر الثائر فرح الأبياتي بشعر لا يليق !!، هل يرثى ابن شاعر التاريخ والدول المتعاقبة على المنطقة في حينه الذي تنبأ بهزة السبت في شعره ، أيرثى بشعر بارد؟!!، أيرثى أخو الشاعرات وابو الشعراء برصة أحرف فقط؟!! *إن هذا من سوء الأدب، وتبلد الشعور، حسب ما يمليه علي حبي وتقديري وإجلالي لذلك الشاعر.* *ولكن كسرة القلم نادتني ومزقة القرطاس لوحت لي ، فكتبت ما كتبت هنا واستغفر الله لي ولكم و رحم الله الأستاذ الكبير والشاعر الغزير والمربي القدير حسن بن فرح الأبياتي الفيفي رحمة واسعة وألحقه بالصالحين أمين.* تجدني هنا: www.facebook.com/athwanee @JaberAthwani ( جميع التعليقات على المقالات والأخبار والردود المطروحة لا تعبر عن رأي ( صحيفة الداير الإلكترونية | داير) بل تعبر عن وجهة نظر كاتبها، ولإدارة الصحيفة حذف أو تعديل أي تعليق مخالف)