اسمحوا لي لأن أذكر لكم هذه القصة , والتي قد تعلمنا أو تنبهنا لأمور كثيرة وعديدة , ومنها وهو الأهم وعلى سبيل المثال بأنه علينا التوقع لكل شي ولأي شي قد يحصل أو يحدث لنا أو يفترض علينا أو يكون غصبا لأن نتقبله وحتماً بدون أي جدال أو أي استغراب , وأيضاً لا تحتقرن صغيرة أو صغيرا لأنه ولربما يأتي به الزمان لأن يكون هذا الصغير ذو عظمة وهيبة وصاحب شأن . وحيث تحكي قصتي القديمة هذه وهي عن مراسل كان يعمل لدى إحدى الدوائر الحكومية , وكان أيضا منتسبا لإحدى الجامعات تخصص إدارة أعمال على ما أعتقد , حيث كان هذا المراسل كثيرا ما يحتقر أو يستهزأ به ويضحك عليه من قبل بعض الموظفين وخاصة رئيسه أو مديره في العمل لمدة ليست بقصيرة . فمرت سنة بعد سنة وهذا المراسل يعمل ويدرس في صمت ويتعلم أيضا في صمت شديد فلم يعلم به أحد في عمله بأنه يدرس أو أنه منتسبا لإحدى الجامعات , وبعدما قد تخرج وحصل على شهادته الجامعية كانت هناك وظيفة شاغله في نفس دائرته والتي يعمل بها وهي بمنصب رئيس قسم , وكان من أحد الشروط للتقدم عليها هو وجود شهادة جامعية ( بكالوريوس ) , فتقدم عليها وتسابق ونجح وأصبح بقدرة قادر موظفا رسميا ( رئيس قسم ) على بعض الموظفين والذين قد كانوا سابقا يحتقرونه ويستهزؤن به , حيث أصبح عليهم حاليا رئيسا عليهم , فجن جنونهم وأيضا جنون مدير هذه الدائرة والذي قد تفاجأ هو أيضا معهم . ومرت الأيام والأشهر , إلا أن هذا الموظف رئيس القسم الحالي ( المراسل سابقا ) لم يأخذ بحقه منهم لأنه كان طيب القلب ويسامح كثيرا وقلبه أبيض , ولكن مازال مديره يظهر عليه الحقد والتحطيم ويستمر لما كان يفعله سابقا ويمارسه ضد هذا الموظف الحالي ( رئيس القسم والمراسل قديما ) , وما كان من هذا كله إلا أن يكون محصلة بالنسبة له بل و دافعا وحافزا قويا لأن يكمل دارسته ليأخذ بعدها الماجستير ثم الدكتوراه . وبعد مرور عدة سنوات تم الإعلان عن شغل وظيفة مدير عام ( ذات منصب كبير جدا ) لهذه الدائرة والتي يعمل بها رئيس القسم الحالي ( المراسل سابقا ) , فتقدم بشهادته وتسابق ونجح , وأيضا وبقدرة قادر أصبح هو حاليا المدير العام لهذه الدائرة , بل وأصبح مديرا على مديره السابق وأيضا على كل موظفيها السابقين , فصاروا هم أقل منه مركزا وسلطة وأصبح هو أعلى منهم مكانة وهيبة ورفعة وصاحب شأن . وبعد مفاجآت تليها المفاجآت , فما كان من مديره السابق إلا أن ينهار ويبكي أمامه من شدة ما قد فرض وأصبح واقعا ولزاما عليه لأن يتقبله , ليتبدل الوضع في لمح البصر , ويقول بعدها كلمته الأخيرة ( كلمة هذا المدير الحالي – الموظف والمراسل السابق ) لمديره السابق بل ولكل من ضايقه وضحك عليه بأن قال لهم وبالفم الواحد : لا تحتقرن صغيرة .. فإن الجبال من الحصى , و ماكان استهزائكم و احتقاركم لي قديما إلا سببا وحافزا ودافعا قويا للوصول وحاليا لهذه المكانة والهيبة , وهو بذلك مثالا وثمرة لما أنا عليه الآن . سامي أبودش كاتب سعودي . [email protected] www.facebook.com/samiabudash