افتتح معالي رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد امس أعمال الاجتماع السادس لمنتدى الحوار العربي الياباني وذلك في مقر مجلس الشورى بالرياض . وبدئ الاجتماع بتلاوة آيات من القرآن الكريم ، ثم ألقى رئيس الوفد السعودي رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الدكتور صدقة بن يحيى فاضل كلمة رحب فيها بالحضور مؤكداً أن الهم الأول لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - هو تحقيق التنمية والتقدم والأمن والسلام محلياً وإقليمياً وعالمياً ولهذا كان الحوار وما زال من أهم سياسات المملكة العربية السعودية على الصعد كافة . وشدد على أهمية العلاقات بين الشعوب العربية والشعب الياباني مؤكداً متانة هذه العلاقات بينهما رغم التباعد الجغرافي نظرا للمصالح المشتركة الكبرى التي تربط بينهم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 م . وبين الدكتور صدقة أن أفضل الوسائل لخدمة هذه المصالح ومن ثم قطف ثمارها هي التفاهم " عبر الحوار " والتعاون الفعلي المتمثل في تفعيل ما يستقر الرأي المشترك على ضرورة تفعيله . وأشار الى أن هذا الاجتماع وما سيتخلله من الحوار يسعى إلى محاولة فهم كل طرف للآخر عن كثب والإتفاق على نقاط تستدعي التعاون الجماعي خدمة للمصالح الثنائية ودعماً لمواقف الأمتين تجاه القضايا ذات الاهتمام المشترك . وأوضح أن محاور الحوار ستشمل السياسة والاقتصاد والشؤون الاجتماعية والثقافية حيث ستطرح ضمن كل محور أفكار قابلة للنقاش وستختتم بإصدار بيان ختامي تتمخض فيه أهم النقاط المتفق عليها والمطلوب تفعيلها لتحقيق الهدف العام لهذا الحوار . بعد ذلك ألقى رئيس الوفد المصري الدكتور إسماعيل سراج الدين كلمة أشاد فيها بمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز في الدعوة إلى المؤتمر العالمي للحوار بين أتباع الديانات والثقافات الذي وجد تأييداً عالمياً وعقد في العاصمة الأسبانية في شهر يوليو الماضي . كما أشاد بجهود خادم الحرمين الشريفين في دعم القضايا العالمية ومنها على سبيل المثال دعمه لبرنامج الأممالمتحدة للغذاء . وأبان أن الحوار العربي الياباني ينعقد في فترة تمثل منعطفاً مهماً وتاريخياً يتخللها العديد من التحديات مشيراً في هذا الصدد إلى الأزمة الاقتصادية العالمية التي ألقت بضلالها على جميع دول العالم . إثر ذلك ألقى رئيس الوفد الياباني الدكتور تارو ناكاياما كلمة عبر فيها عن شكره وتقديره للمملكة العربية السعودية على كرم الضيافة وحسن الاستقبال منوهًا في هذا الصدد بجهود الوفد السعودي للإعداد لها الاجتماع . وأشاد بالتطور السريع الذي تشهده المملكة من خلال ما شاهده من نهضة وتنمية في مختلف المجالات وخاصة العمرانية . ولفت الدكتور تارو النظر إلى ما يعانيه الاقتصاد العالمي من أزمة وقلق كبيرين بسبب الأزمة المالية غير المسبوقة مؤكداً أهمية قيام كل دولة باتخاذ خطوات مناسبة بأسرع وقت لوقف حدوث المزيد من هذا التدهور . وأكد رئيس الجانب الياباني أن متعة هذا المنتدى تتمثل فيما يمكن تسميته الحوار على المسار الثاني الذي لا يركز كثيراًَ على سياسات الحكومات بقدر ما يركز على تقديم رؤية جديدة من موقع حر يقف فيه أصحاب الفكر والرأي . وأشار إلى المقترحات والأفكار التي تمخضت من خلال منتدى الحوار العام الماضي في الأسكندرية ومنها الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتقنية ومتحف مصر الكبير ومعاهد تدريب صناعة البلاستيك في المملكة العربية السعودية . بعد ذلك ألقى معالي رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد كلمة رحب فيها باسم مجلس الشورى بالمشاركين في أعمال المنتدي في بلدهم الثاني المملكة العربية السعودية . وقال : إ ن استجابتكم لدعوة مجلس الشورى لاستضافة هذا المنتدى دليل على الرغبة الملحة في أعماق الجميع نحو مزيد من التواصل للأفضل . وعبر معاليه عن أمله في أن تسهم المحاور المطروحة على جدول أعمال المنتدى في دفع مسيرة التعاون فيما بين الدول العربية واليابان والوصول إلى علاقات عربية يابانية ذات أبعاد استراتيجية سامية في جميع المجالات . وأوضح أن انعقاد هذا اللقاء يأتي امتداداً لما سبقه من لقاءات ومؤتمرات في الرياض والقاهرة والإسكندرية وطوكيو أسهمت كلها في تعميق وتوسع العلاقات العربية اليابانية وفتح آفاق جديدة للتعاون المشترك والإسهام في تقريب وجهات النظر وزيادة آفاق ومجالات التواصل . وقال : إن منتدى الحوار العربي الياباني يعد رافداً من روافد مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين أتباع الأديان والثقافات ذلك المشروع الذي تبناه العالم الإسلامي خلال المؤتمر الإسلامي العالمي الذي عقد في مكةالمكرمة ووضع الأسس لانطلاق حوار عالمي بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات يركز على المشترك من القيم الإنسانية والتي كانت محل تقدير وتأييد المؤتمر العالمي للحوار الذي عقد في مدريد خلال شهر يوليو الماضي . وأكد الشيخ ابن حميد أهمية تعزيز الحوارات السياسية الرفيعة المستوى بين الدول أعضاء المنتدى على جميع الأصعدة والمستويات وفي مقدمتها تعزيز الدبلوماسية البرلمانية بتكثيف الزيارات بين المجالس البرلمانية واستثمار لجان الصداقة في المزيد من التواصل والإفادة من التجارب والخبرات البرلمانية لدى الجميع، والتنسيق المستمر في المحافل والمنتديات البرلمانية الدولية لتقريب وجهات النظر . وعد معاليه زيادة التطور في العلاقات بين الدول العربية واليابان قوة دفع من أجل تعزيز علاقات استراتيجية . . وقال : إن التطورات الاقتصادية والمناشط التجارية بين بلداننا تبعث على الإرتياح وتؤكد الحاجة للمزيد من الجهود في القطاعين الحكومي والخاص لغرض التطور الشامل في العلاقات الاقتصادية بتوظيف كل المصادر المتاحة بما فيها المصادر المالية والمؤسسية والتقنيات . وعبر معالي رئيس مجلس الشورى في ختام كلمته عن أمله في أن يؤدي لقاء الرياض إلى تعميق التفاهم المتبادل، وتكريس منطق التعاون والحوار المثمر، وتنمية الإحساس بمسئولياتنا المشتركة في تحقيق النماء والاستقرار لبلداننا المشاركة بايجابية في معالجة القضايا العالمية . بعد ذلك بدأت أعمال الاجتماع السادس لمنتدى الحوار العربي الياباني حيث تمت مناقشة ثلاث أوراق عمل خاصة بمحاور اللقاء . وقد ركزت ورقة العمل الأولى التي قدمها اللواء الدكتور صالح بن فارس الزهراني والدكتور صدقة فاضل عضوي مجلس الشورى على المحور السياسي حيث تناولت أهمية السياسة في إدارة كل فعاليات المجتمع بما في ذلك الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية بجوانبها المتعددة والمتشعبة والمتداخلة حيث تفرض السياسة نفسها في كل المناقشات أو المفاوضات . ووصفا العالم العربي كمجموعة نامية تمر بمتغيرات وأحداث سياسية لا يمكن أن يتجاهل العامل السياسي وقالا " إن العالم العربي يتطلع إلى اليابان كصديق متقدم ومتطور ومهم خاصة من الناحية الاقتصادية وهو يعتمد في تزويده من الكثير من الاحتياجات الأساسية وغير الأساسية وخاصة السلع المصنعة وشبه المصنعة كما أن اليابان تعتمد على العالم العربي للحصول على الطاقة وبعض المواد الخام وأن العالم العربي يسعى إلى توثيق علاقاته الاقتصادية والاجتماعية مع اليابان وأهمية أن يكون لليابان موقف مشابه أو داعم تجاه القضايا ذات الاهتمام المشترك " . وأشارت الورقة إلى أن المصالح المشتركة والمهمة التي تربط العالم العربي واليابان تدعو اليوم للتحدث عن أهمية أن ينعكس ذلك على جمهور اليابان في المجال الدولي والسياسي وأن يكون عاملاً مشتركاً لاتخاذ مواقف تخدم هذه المصالح وبالذات في القضايا المهاة مثل موقف اليابان من الصراع العربي - الاسرائيلي وموقف اليابان من العراق وموقف اليابان من قضية دارفور بالسودان وخاصة أن اليابان أصبحت عضواً في مجلس الأمن لفترة السنتين القادمة وهي تعمل دائماً على نشر السلام والشرعية الدولية . . وخلصت الورقة إلى أن توثيق العلاقات العربية - اليابانية والبعد بها عن ما يعكر صفوها يتطلب أن تكون لليابان سياسة أكثر تفهماً تجاه العالم العربي ومثل هذه السياسة ستدعم العلاقات العربية - اليابانية في كل المجالات وفي مقدمتها المجال الاقتصادي والمجال الثقافي بكل أبعاده ودعم هذه العلاقات هو لصالح الطرفين وفي مقابل ذلك تقف الدول العربية مع القضايا العادلة التي تهم اليابان ومن ذلك تأمين احتياجات اليابان من النفط وتأييد منح اليابان عضوية دائمة في مجلس الأمن الدولي ودعم الجهود الداعية لإقامة المنطقة الخالية من الأسلحة النووية وما إلى ذلك . وفي جانب آخر أشارت ورقة العمل الخاصة بالمحور الاقتصادي المقدمة من عضو مجلس الشورى الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الزامل بعنوان - العلاقات الاقتصادية والتجارية العربية اليابانية - إلى أن العلاقات العربية اليابانية الاقتصادي اتصفت بأسلوب عمل متحفظ وذو طبيعة تتغلب عليها الاستمرارية في نوعية الأنشطة سواء كانت متعلقة بالتجارة البينية من استيراد وتصدير أو استثمارية صناعية أو خدمية أو تطوير العلاقات الإنسانية ذات العلاقة بالاقتصاد والقوى البشرية . واستعرضت الورقة مختلف أوجه التعاون الاقتصادي في قطاعات التجارة البينية وتنمية الاستثمار والمساعدات اليابانية الفنية والتدريبية . وقال " في قطاع التجارة البينية تظهر الإحصائيات أن الميزان التجاري في السنوات الثلاث الماضية هو باستمرار لصالح المملكة وذلك بسبب اعتماد اليابان على استيراد النفط من المملكة وبمعدل حوالي 35 مليار دولار سنوياً أما المنتجات الصناعية الأخرى فهي تمثل نسبة بسيطة في التجارة البينية وهي بحوالي نصف مليار دولار ومعظمها منتجات بتروكيماوية والتي قفزت من حوالي 350 مليون دولار في عام 2005 إلى 540 مليون دولار في عام 2007 م ومعظمها منتجات بترو كيماوية من مصانع سعودية بمشاركة يابانية " . وأضاف " فيما حافظت صادرات اليابان إلى المملكة خلال الثلاث سنوات على مستواها مع زيادة واضحة سواء من حيث النوعية أو المبالغ المحققة كما أن حصة اليابان في سوق المملكة والأسواق العربية هي في الحقيقة أكبر ما توضحه هذه الإحصائيات للتجارة البينية المباشرة " . وبينت الورقة أن العائق الرئيسي أمام إمكانية توسع التجارة واستحواذ حصة اليابان على حق اكبر في السوق العربي وخاصة الخليجي هو تراجع الدور القيادي المعهود لشركات المقاولات والبناء للمشاريع العملاقة التي من خلالها يمكن استحواذ نسبة أكبر من سوق البنية التحتية لبلاد العربية وخاصة في قطاع الطاقة والكهرباء والماء . وأبرز الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الزامل جانب المساعدات اليابانية الفنية التدريبية مبينا أن لليابان دوراً بارزاً في تطوير برامج تدريبية للقوى العاملة العربية والسعودية والخليجية وهي برامج متميزة استفاد منها القطاعين الحكومي والخاص . وفيما يخص المحور الثالث والأخير وهو محور الثقافي والشؤون الاجتماعية قدم عضو مجلس الشورى الدكتور سالم بن علي القحطاني ورقة عمل عن بعض الجوانب والمفاهيم التي يمكن مناقشتها في هذا الجانب حيث أشار إلى أن المجتمعات تمر بمرحلة سريعة من التغير والتطوير وأن التقدم العلمي والتقني أحد أهم العوامل الرئيسة التي ساعدت على هذا التغيير وأسهمت بصورة كبيرة في تغير العديد من المفاهيم والقيم المتنوعة في مختلف المجالات الثقافية والسياسية .وعد التعامل مع مفهوم الثقافة أمراً في غاية الأهمية لكل مجتمع سواء لوحده أو تداخل مع غيره من المجتمعات في بعض العناصر التي ترتكز عليها ثقافته . وأشار الدكتور سالم القحطاني إلى أن هناك مجالات يمكن أن تقود إلى فتح مجال النقاش والحوار بين المشاركين في هذا المنتدى لتعزيز العلاقات العربية اليابانية والعمل على تطويرها من خلال الحوار الهادف بين المجتمعات العربية والمجتمع الياباني وهي القيم المشتركة والقيم المختلفة والانفتاح الثقافي والعلاقات الرسمية واللغة وحوار الأديان والبيئة والعمل على تنفيذ بعض الخطوات العملية والاستمرار في تطوير القائم منها من خلال إجراء البحوث والدراسات المشتركة في مختلف المجالات في المؤسسات الأكاديمية والعلمية والاجتماعية مع الاستمرار في تبادل الزيارات واللقاءات وتبادل الخبرات من خلال المجالس والجامعات والمراكز والمعاهد التقنية وتشجيع مجالات الإبتعاث والتدريب وتعزيز دور المراكز الثقافية وتسهيل نشر الثقافة وبعض العادات والتقاليد للمجتمع الياباني والمجتمعات العربية وعلى وجه الخصوص المجتمع السعودي من خلال الجامعات والمتاحف والمعارض الفنية ودعم دور مركز الملك عبدالله بن عبد العزيز للتواصل بين الحضارات والذي من المتوقع أن يسهم بدور مستقبلي كبير في التواصل الثقافي والحضاري وفهم الأديان والمعتقدات بين مختلف الشعوب واحترامها وإرساء قواعد الحوار المبني على التفاهم والتسامح واحترام حقوق الآخر ودعم المنظمات والجمعيات والاتفاقيات والمعاهدات التي تعنى بالمحافظة على البيئة والحد من سو استخدام مواردها والتأثيرات السلبية التي سببها الإنسان وما يترتب عليها من نتائج سلبية مثل الاحتباس الحراري وغير ذلك من كوارث أحاطت بالبيئة . حضر حفل افتتاح الاجتماع نائب رئيس مجلس الشورى الدكتور بندر الحجار وأمين عام المجلس الدكتور محمد بن عبدالله الغامدي وأعضاء مجلس الشورى وأعضاء الوفود المشاركة في أعمال الاجتماع .