هناك أشياء تسقط منكِ ولكن ليس بالضرورة أن تسمعي أصواتها أو أن تدركي أنها سقطت منك, لأنها ليس شرطاً أن تكون أشياء ملموسة، بل إن هناك العديد من الأشخاص يسقطون منك على مدار حياتك، فالبعض يسقط من العين والبعض يسقط من القلب والبعض يسقط من الذاكرة، ومن الضرورة أن تفرقي بين الثلاثة لأن من يسقط من العين يختلف تماماً عما يسقط من القلب والذاكرة من حيث درجة الجرح والألم الذي تسبب فيه ودرجة تحملك له. فالذي يسقط من العين يسقط بعد مراحل من الصدمة والدهشة والاستنكار والاحتقار ومحاولات فاشلة لتبرير هذا النوع من السقوط, أما سقوط القلب فإنه يلي مراحل من الحب والحلم الجميل والإحساس بالضياع والندم ومحاولات فاشلة لإحياء مشاعر ماتت. أما سقوط الذاكرة فإنه يبدأ بعد مراحل من التذكر والحنين وبعد معارك مريرة مع النسيان ناتجة عن الرغبة في التمسك بأطياف أحداث انتهت وغالباً يكون سقوط الذاكرة هو آخر مراحل السقوط وهو أرحم أنواعه. وليس بالضرورة أن من يسقط من عينيك يسقط من قلبك أو من ذاكرتك, فلكل سقوط أسبابه التي قد لا تتأثر أو تؤثر في النوع الآخر, فالبعض يسقط من قلبك لكنه يظل محتفظاً بمساحته النقية في عينيك فيتحول إحساسك المتضخم بحبه إلى إحساس متضخم باحترامه. أما المعاناة الكبرى فهي حين يسقط من عينيك إنسان ما لكنه لا يسقط من قلبك, ويظل معلقا بين مراحل سقوط القلب وسقوط العين وتبقى وحدك الضحية لأحاسيس مزعجة, وتظلين بينك وبين نفسك تحتقرينه وربما احتقارك له أكثر من حبك. ولأن الذاكرة كالطريق تلتقط معظم الوجوه التي تلتقيها والتي قد لا يعنى لكِ من أمرها شيئاً؛ فإن سقوط الذاكرة هو أرحم أنواع السقوط، فالذي يسقط من الذاكرة لا يبقى في القلب ولا يبقى في العين. وعليكِ أن تفرقي جيداً بين احترامك للأشخاص ومكانتهم لديك، وأن تضعي إشارات مرور في حياتك تحدد لكي الأشخاص المناسبين للبقاء معهم ومعرفتهم طوال الحياة، وأيضاً الأشخاص الواجب تجنبهم والابتعاد عنهم، والحياديين الذي يمكنك التعامل معهم بحدود وضوابط معينة.