مركز مشاريع البنية التحتية بمنطقة الرياض يعلن تفعيل أعماله في 19 محافظة و47 بلدية    نائب أمير مكة يطلع على أبرز المشاريع المنجزة بمحافظات المنطقة    مُحافظ جدة يُكرّم عدداً من ضباط وأفراد مكافحة المخدرات    2024.. إنجازات سعودية    قوافل مساعدات سعودية جديدة تصل إلى غزة    «العالم الإسلامي»: ندين بأشد العبارات اقتحام مستوطنين باحات المسجد الأقصى    سورية تتطلع لعلاقات "استراتيجية" مع أوكرانيا    الأخضر.. خطوة نحو «الكأس»    «الصفراء» حرمتهم.. والمدرج مكانهم    «الشورى»: الموافقة على مشروع تعديل نظام إنتاج المواد التعليمية وتسويقها    لغير أغراض التحميل والتنزيل.. منع مركبات توصيل الأسطوانات من التوقف في المناطق السكنية    نائب أمير تبوك يقلد مساعد مدير السجون بالمنطقة رتبته الجديدة    الجوال يتصدّر مسببات حوادث المرور في الباحة    القهوة والشوكولاتة.. كماليات الشتاء والمزاج    5 فوائد للشاي الأخضر مع الليمون    الأخضر يختتم استعداداته لمواجهة عُمان في نصف نهائي خليجي 26    الهلال يكسب ودّية الفيحاء بثنائية "نيمار ومالكوم"    جابر: ثقتنا كبيرة في تجاوز المنتخب السعودي    ولي العهد يعزي تشوي سانج في ضحايا حادث الطائرة    «مجلس التخصصات الصحية» يعتمد استراتيجية العام المقبل    القيادة تعزي في وفاة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر    وفاة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر    "الشورى" يوافق على تعديل نظام إنتاج المواد التعليمية وتسويقها    مجلس إدارة هيئة الإذاعة والتلفزيون يعقد اجتماعه الرابع لعام 2024    تركي آل الشيخ يعلن عن القائمة القصيرة للأعمال المنافسة في جائزة القلم الذهبي    استعراض مؤشرات أداء الإعلام أمام الوزير    11 ألف مستفيد من برامج التواصل الحضاري بالشرقية    أمير الشرقية يشدد على رفع الوعي المروري    مغادرة ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    أمير القصيم ينوّه بدعم القيادة لبرامج التوطين    إضافة 122 منتجاً وطنياً في القائمة الإلزامية للمحتوى المحلي    علاج شاب بزراعة بنكرياس باستخدام الروبوت    التغيير العنيف لأنظمة الحكم غير المستقرة    بينهم عدوية والحلفاوي والسعدني.. رموز فنية مصرية رحلت في 2024    هل تفجّر أوابك ثورة إصلاح وتحديث المنظمات العربية    كلام البليهي !    النصر يتوج بكأس الاتحاد السعودي لكرة قدم الصالات على حساب القادسية    مبادرة «عدادي»    حتى لا نخسر الإعلاميين الموهوبين!    الوديعة السعودية أنقذت اليمن    خبراء أمميون يطالبون بمعاقبة إسرائيل على الجرائم التي ترتكبها في الأراضي الفلسطينية المحتلة    توزيع 132 حقيبة إيوائية في ولاية بغلان بأفغانستان    إغلاق عقبة الهدا بالطائف شهرين    وزير خارجية سوريا: نتطلع لبناء علاقات إستراتيجية مع السعودية    الجوازات: صلاحية جواز السفر للمواطنين الراغبين في السفر إلى الخارج 3 أشهر للدول العربية و6 أشهر لبقية الدول    نائب وزير الخارجية يستقبل سفير جمهورية باكستان الإسلامية لدى المملكة    القبض على شبكتين إجراميتين تمتهنان تهريب المخدرات والاتجار بها في الرياض وجازان    ابتكارات عصرية بأيدي سعودية تعزز رفاهية الحجاج في معرض الحج    الإحصاء تُعلن نتائج المسح الاقتصادي الشامل في المملكة لعام 2023م    عزة النفس وعلو الإنسان    الصقور تجذب السياح    معركة اللقاحات    وزيرا «الإسلامية» و«التعليم» يدشّنان برنامج زمالة الوسطية والاعتدال لطلاب المنح الدراسية    بين الأماني والرجاء.. رحمٌ منبثٌ    التعصب في الشللية: أعلى هرم التعصب    ما الفرق بين الدخان والهباء الجوي؟    نائب أمير منطقة مكة يترأس اجتماعًا لمتابعة مشاريع التنمية للمنطقة    السعودية تعزّي كوريا في ضحايا حادث تحطم طائرة ركاب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النصّ العاميّ الحديث / والكتابة بالمفاتيح ! (2-2)
نشر في البلاد يوم 06 - 05 - 2012

الشعراء الشباب – في رأيي- يمثّلهم أنموذجاً : خالد الردّادي ، وهو شاعر تصدق عليه مقولة فاليري السابقة ، فمن يقرأ نصّه الشعري يجد فيه خليطاً من التجارب السابقة دون أن يكون واحداً من شعرائها ، فهو قد ابتلع كلّ الخراف السابقة وقدّم نفسه ، وصوته ، برؤية شعريّة جديدة يمكن أن نعتبرها مثالا للجيل الجديد ، ورمزاً للنصّ الشعريّ الحديث بالمقياس الزمني الذي يمنح الجِدّة ( بكسر الجيم ) للصوت الأجدّ / الأحدث :
أنا الرضيع اللي نبت له مية سنّ
وانا المخرّف والحلاوة بيدّي !
هذا الصوت الذي ينبعث من بيتٍ كهذا ، بيتٍ يتشكّل فيه كائنٌ شعريٌّ جديد : فيه نقرأ خليطاً ممتزجاً من المراحل العمريّة : رضيع / مخرّف ، مع الرضيع أسنان العمر ، ومع المخرّف حلوى الطفولة ، و من هذه المرحلة وتلك تولد تجربة جديدة ليست الأولى ولا الثانية ، ولكنها نتاجٌ لهما :
مرّت ثلاثين من عمري وانا توّي
طفل يتلمّس على سطح الورق صورة
وحين تتلمّس التجربة الجديدة ملامح صورتها الجديدة ، صورتها هي ، فحينئذٍ يمكن أن نقول : إن هذه التجربة قد بدأت ترسم ملامحها كما ينبغي ، ولذلك يمثّل صوت خالد الردادي مثالا حقيقيّا وصادقا لتجربة جيل جديد يستطيع أن يكتب بعيداً عن إعادة التجربة التي مرّت ، لأنّه يكتب برؤية جديدة فرضها الواقع التكنولوجيّ الجديد ، ليس في الصور الشعريّة وهيكلة النصّ فحسب ، بل حتّى في شكل الكتابة والإخراج الطباعي للنصّ من خلال صفحة الضوء الذي بات تحت تحكّم الشاعر نفسه ، وليس المحرّر ، وهذا يعني أنّ شكل الكتابة دالٌّ من دوالّ النصّ الشعريّ ، سواء كان في شكل الحروف أو علامات الترقيم أو حتّى في هيكلة النصّ بطريقة أفقيّة / رأسيّة ، وما دام أنّ الشكل من صنع الشاعر نفسه فهذا يعني أنّه جزءٌ من النصّ ، وهو معادل للرمز الإيحائي من جهة ، وللإلقاء المنبري من جهة ثانية ، والملاحظ على نصوص خالد الردادي أنها لا تغفل جانب الطباعة الضوئيّة وطريقة الإخراج للنصّ ، وهذه – في رأيي – سمة من سمات النصّ الألكترونيّ ، وهي وإن ظهرت في المرحلة السابقة إلاّ أنها تخضع لظروف النشر بخلاف تجربة شعراء النت الذين يتحكّمون في مساحة النشر بطريقتهم الخاصّة .
وثمّة شعراء آخرون يمكن أن يصنّفوا في هذه المدرسة بحسب إضافاتهم الجديدة على النصّ الشعري ، ولا حاجة لذكر الأسماء ، فقط أردت أن أنوّه إلى أنّ التجربة الحديثة ينبغي أن يكتبها شعراء الجيل الألكترونيّ الجديد ، بمقاييسه هو ، ووفق ظروف زمنه وأحداثه ، لأنّ النصّ الشعريّ ابن ثقافته وعصره ، والمدارس الشعريّة لا تتشكّل إلاّ انعكاساً لأزمنتها وتصوّراتها الجديدة المنقلبة على ما قبلها ، فحين كان السابقون في مناخ معركة الحداثة والأصالة نشأ الشعراء طبقاً لهذا المناخ ، فجاءت القصائد استجابة لتلك المرحلة ، ومن هنا قرأنا كيمياء الغيّ التي تشبه إلى حدّ بعيد القصيدة الفصحى في تقنيتها الحداثيّة ، ومناخ الشعر اليوم ليس هو مناخه بالأمس ، وعلى هذا فالتجربة الحديثة هي التي تتداخل مع الشأن الثقافيّ العام وتكتب المشهد كما فعلت التجربة الأولى ، وأظنّ أنّ تجربة بدر بن عبد المحسن لم تعد صالحة لمثل هذا الزمن ، فهي سحابة أمطرت وأعشبت ثمّ انقشعت كغيرها ، وهكذا بقيّة التجارب الشعريّة مهما علا شأنها ، ومهما تعاطفنا معها ، وأجدني هنا منحازاً بقوّة لوعي محمّد النفيعي وعبد المجيد الزهراني اللذين أدركا لعبة الزمن وعرفا أنّ التجربة الشعريّة المتجدّدة هي التي تكتب الزمن ، وتعالج جراح الزمن ، و تتعاطى هموم الزمن ، وتجربة الشعر العاميّ في الثمانينيات نجحت لأنها كتبت زمنها بصدق ، وحينما نحاول بعثها من جديد فإننا بذلك ندفن زمننا معها دون أن نحييها ولو حاولنا ذلك مرارا ، فلنكتب زمننا كما نحسّه ، نكتب ثقافته / همومه / رؤيته / واقعه ، وحينها سننجح في خلق نصّ جديد متصالح مع المرحلة التي يعيشها غير مقطوع النسب ، أو غير منتسب لغير أبيه ، هكذا ينبغي أن نفهم تحديث الشعر وتطويره وتجديده ، أمّا السابقون فلا يعنينا تجديدهم ، لأنه صار قديما ، والقديم – في أبسط تعريفاته - : هو ما دهسته أقدام الأيام فاحتجت عند إعادته إلى نفض الغبار عنه ، ولن يعود كما كان مهما بلغت نفختك إياه ! ، ولن تعيد العظام البالية سوى نفخة إسرافيل عليه السلام بأمرٍ من ربّه ، فلنعش زمننا ، ولنكتب أنفسنا ، ولنترك الشعر يتشكّل بإرادته وفق ظروف المرحلة التي نعيشها ، وبعد حينٍ من الدهر سنكون ذكرى جميلة لجيل جديد قد يكتب القصيدة بما لا نعلم ممّا هو في رحم الغيب ، لعلّه يكون جيلا أحسن حالا منّا زمنا وظروفا فيكتب قصيدته وفق شروط نهضتنا العلميّة واختراعاتها الجديدة ! من يدري ؟!!
فقد تلد العرجاء ساقي نعامةٍ
وقد تنجب العجماء طفلا محنّكا !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.