فرضت المواجهة الأخيرة بين المقاومة الفلسطينية في غزة وإسرائيل معادلة صاروخية جديدة تؤثر بشكل واضح على أي مخطط فلسطيني لتحقيق الردع أو الرعب المتبادل. استطاعت إسرائيل أن تسقط عددا لا بأس به من صواريخ المقاومة الفلسطينية، وقللت بذلك من حجم الخسائر التي كان يمكن أن تمنى بها. كان من الواضح أن المقاومة الفلسطينية قد حققت تقدما في تقنية الصواريخ، واستطاعت أن ترفع من مستوى كفاءة الصاروخ ومن مداه بعض الشيء، وبدا الصاروخ الفلسطيني على شاشات التلفاز متوازنا وخاليا من المسار المتعدد الاعوجاجات. وهذا يشير إلى أن فصائل المقاومة الفلسطينية تبذل جهودا من أجل التطوير والتحسين على ما هو متوفر من أسلحة، وأنها استطاعت أن تأتي ببعض الأسلحة من الخارج، وأن ترفع من مستواها العلمي والتقني. كما أن المقاومة قد أظهرت بعض الأسلحة الجديدة ذات الكثافة النارية. لكننا لم نر صواريخا ذات تهديد استراتيجي لإسرائيل، وربما من الحكمة ألا تعرض المقاومة أيا منها إن وجدت وذلك لادخارها لأيام مواجهة أشد وأشمل. استطاعت المقاومة أن تؤثر على الوضع الداخلي الإسرائيلي وذلك بدفع نحو مليون شخص إلى الملاجئ، لكن من المهم أن ندرك أن الملاجئ في إسرائيل عبارة عن جزء من استراتيجيتها في تخفيف المعاناة الشعبية التي تؤثر على المخطط العسكري والقادة الميدانيين. المعنى أن إسرائيل تدعو سكانها إلى النزول إلى الملاجئ بمجرد أن شعرت باحتمال إطلاق قذائف من الجانب العربي، وبالتالي لا نستطيع أن نأخذ هذا مؤشرا في التوازن الاستراتيجي. المهم الآن هو أن القبة الحديدية الصاروخية الإسرائيلية تحقق نجاحا على حساب صواريخ المقاومة الفلسطينية، وبالتالي من الممكن أن تحقق نجاحا ضد أي صواريخ أخرى يمكن أن تنطلق نحوها. هذا تطور مهم جدا يجب على المعنيين بالتخطيط العسكري والاستراتيجي أخذه بعين الاعتبار. أي من الضروري البحث في هذا التطور التقني الإسرائيلي- الأمريكي، والأسس العلمية التي يستند إليها من أجل الوصول إلى مواجهته. من المفروض الآن على كل الأطراف العربية والإسلامية المعنية بهذا التطور أن تبحث في وسائل إبطال مفعول القبة الحديدية، مثل السيطرة عليها إليكترونيا أو تضليلها أو تطوير صواريخ مزدوجة، أو صواريخ لا تكتشفها مجسات القبة.