عاد مصطلح المقاومة الشعبية إلى الظهور في السياسة الفلسطينية خلال الأيام الماضية، ولا سيما بعد الاتفاق الذي تم بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل. كان ذلك الاتفاق تحولاً نوعياً في استراتيجية الحركة الإسلامية التي تعتمد نهج المقاومة المسلحة. ورغم أن مشعل لم يسقط الخيار المسلح، فإنه بمجرد إعادة الاعتبار للمقاومة الشعبية واعتباره "تسونامي"، فذلك يعد مؤشّراً إلى نوع من التبدّل في الخيارات الحمساوية. غير أن اتفاق مشعل وعباس لم يمر مرور الكرام في الحركة الإسلامية، إذ خرج القيادي في "حماس"، محمود الزهار، ليقلل من أهمية الاتفاق ومن قدرات المقاومة الشعبية. الزهار حاول إخراج قطاع غزة من معادلة الاتفاق على اعتبار أن المقاومة الشعبية غير صالحة بالنسبة إلى القطاع، لأن لا وجود للاحتلال فيها منذ العام ،2005 رامياً كرة هذه المقاومة إلى ملعب القدسالمحتلة والضفة الغربية. السجال بين الزهار ومشعل ليس فريداً من نوعه، وله سوابق كثيرة، لكن قبل الدخول في هذا السجال قد يكون من الأفضل طرح سؤال عن جدية خوض المقاومة الشعبية في الضفة الغربية، وهل الرئيس محود عباس جاد في مسألة الدخول في هذه المقاومة على غرار مصر وتونس واليمن، وهي النماذج التي ساقها مشعل في إطار مديحه للمقاومة الشعبية، من دون أن ينسى تجربة الانتفاضة الأولى؟ سؤال في محله في ظل إرهاصات العودة إلى طاولة المفاوضات التي عقدت في عمّان يوم الثلاثاء الماضي. اجتماع فريد من نوعه منذ قرار عباس التوجه إلى الأممالمتحدة ونوم الطلب الفلسطيني الخاص بالاعتراف بالدولة في أدراج اللجان والاجتماعات المغلقة التي لا يبدو أنها ستصل قريباً إلى مرحلة التصويت، وخصوصاً مع الجهود التي تبذلها اللجنة الرباعية الدولية لإعادة عجلة المفاوضات إلى الدوران، وتجنيب الجميع إحراج مجلس الأمن. بين المفاوضات والمقاومة الشعبية، لا يبدو أن هناك الكثير من التقارب، وخصوصاً أن مسألة المزاوجة بين الاثنين التي اعتمدها الزعيم الراحل ياسر عرفات، لا تبدو قريبة من ذهنية أبو مازن، الذي يسير في خط واحد لا يحيد عنه، إما المفاوضات وإما المواجهة الدبلوماسية وإما المقاومة الشعبية التي لم يتم اختبارها بشكل جدي إلى اليوم، وقد لا يكون موعد اختبارها قريباً. السجال داخل حماس عن المقاومة الشعبية لا يزال مبكراً، خصوصاً أن فتح وعباس لم يحسما خيارهما في هذه المسألة، فالمقاومة الشعبية ليست تظاهرات موسمية، بل استراتيجية عمل يومي لم تظهر بعد.