-حقا ما أسهل سحق الضعفاء في هذا العالم! هكذا يحضرني ما قاله أنطوان تشيكوف في نهاية قصته القصيرة " الساذجة " لا أعرف أين وكيف فاجأني ذلك الشاب الممتلئ باللحم والشحم، وهو يقذف بكلماته السوقية لرجل في عمر أبيه .. أمام الناس ، بلا حياء ولا احترام . حيث كان يقول ، والرجل في صمت يتعرض لشتائم مزاجية موجعة لا يتوقف لسانه عن شتائمه حتى وإن كان ذلك على هيكل صنم، فيما كان والد الشاب يقف بجانبه ، دون أن يوقف ذلك السيل من الشتائم من ابنه المتغطرس، حتى في هذه الأسطر لا يجرؤ قلمي على تدوين تلك الكلمات السوقية . -إلى هذا الحد وصلت معاملاتنا مع الآخرين .. الابن يشتم بوقاحة ووالده دون حراك وهو يستمتع ويفتخر بتربية ابنه الذي لا يحترم الآباء القريبين من سنه.. وبرغم تلك الشتائم ، يبتسم ذلك الرجل ، وهو في ذل وانكسار تظهر من فقرات في ملامحه.. كانت تلك الوجوه تنتظر من الأب .. كلمة اعتذار منه عما سببه ابنه العاق من ألم وإحراج للرجل، إذ أن الموقف كان قاسياً حقاً ، ... وتلعثم الرجل وهي يكرر الشكر لأبيه.. المرة تلو المرة .. على هذه الأخلاق والتربية التي اكتسبها ابنه في عدم احترام الآخرين .. وما أن مرت دقائق .. واستمعت من البعض في ذلك المكان الكئيب، بأن الأب مثل ابنه في علاقاته مع الآخرين .. لا يحترم مشاعرهم .. احترام الآخرين واحترام مشاعرهم .. أيها الأب الضال احترام لذاتك .. ربما لا تعلم أن الاحترام حاجه نفسيه للإنسان (الطبيعي )... كحاجتك للهواء والماء والطعام ..يبدو أنك إنسان مهووس . فهناك من الناس من يصرّ دائماً على عدم احترام الآخرين، ويصرّ على الإساءة إليهم بشكل يشوّه صورته أكثر. -عندما كنت علي مقاعد الدراسة الجامعية ..كان أستاذي يكرر في كل محاضرة على احترام الآخرين ، وأتذكر تماماً تلك الكلمات التي لا زالت عالقة في ذاكرتي .. وهو يقول : إن احترام الإنسان لذاته ركيزة أساسية لتوازنه النفسي .. الذي من خلاله يستطيع أن يتعامل مع الآخرين .. وبالتأكيد من يفقد هذه الركيزة .. حتما ًسيفقد احترام الآخرين .. وسيشعر بالدونية لا محالة ..! فهل شتم الآخرين .. عند هذا الأب الضال .. حلال ؟!